تاريخ الأبرشيّة البطريركيّة المارونيّة نيابة صربا
مدخل
لم يكن للموارنة في تقليدهم العريق إلاّ أبرشيّة واحدة يرعاها بطريركهم الواحد بمساعدة المطارنة والأساقفة. وفي المجمع اللبنانيّ الذي انعقد في دير سيّدة اللويزة زوق مصبح، عام 1736، وُضع تنظيم قضى بالتعدّد الأبرشيّ. إلاّ أنّه لم يصبح نافذًا بدقّة إلاّ بعد تذليل المشاحنات التي دوّى صداها في روما، ونهائيًّا، في مجمع اللويزة الثاني عام 1818.
النشأة والتسمية
أمّا نيابة صربا البطريركيّة المارونيّة، فلم تعرف هذا الاسم إلاّ عام 1990، إثر المجمع البطريركيّ في بكركي ما بين 4 و 9 حزيران 1990، وبعد موافقة الكرسيّ الرسوليّ.
وكانت حملت، منذ العام 1960، اسم أبرشيّة صربا، بديلاً من أبرشيّة دمشق، التي هي أيضًا تسميةٌ حديثة نسبيًّا، لأنّ الأساقفةَ الذين كانوا يُعيّنون قديمًا في ظاهر لبنان كانوا يُعرَفون عمومًا بأساقفة الشام؛ علمًا أنْ لا ذكرَ للشام في هذا السياق قبل القرن السادس عشر.
المركز الأوّل لهذه الأبرشيّة، كان في دير مار يوحنّا حراش، الذي أسّسه البطريرك يوسف حَليب العاقوريّ عام 1642.
ومنه انتقلت إلى ضهور عشقوت، على يد المطران بولس مسعد (ولادته: 06/12/1859؛ كهنوته: 02/7/1882؛ أسقفيّته: 14/12/1889 على حماة شرفًا، ثمّ على دمشق 12/6/1892؛ وفاته: 01/4/1919).
فقد أقدم هذا المطران، من مال جناه وآخر من بيع عقارات سأل والده أن يخصّه بها، وبدعم من عمّه البطريرك بولس مسعد، على شراء أرض وتشييد كرسيّ أسقفيّ، في ضهور عشقوت عند نقطة تلاقٍ مع ريفون وفيطرون، على اسم شفيعه القدّيس بولس الرسول.
إلاّ أنّه لم يوقِف ما اشتراه وبناه، ما أفسح في المجال، بعد مماته، في نشوء قلاقل ونزاعات قانونيّة بين بعض ورثة المطران بولس المقيمين في الكرسيّ بالأخصّ من جهة والمطران بشارة الشمالي من جهة ثانية، طالت نحوًا من ستّ سنوات، جال الشمالي في بداياتها ولسبعة أشهر متواصلة على الرعايا واحدةً واحدة، يتقدّمه الأبوان الأنطونيّان مبارك صقر ويوسف العَرموني، اللذان وضعا تقريرًا في خمسة دفاتر، هي بمثابة تاريخ لمختلف وجوه الحياة الواقعيّة في الأبرشيّة، فضلاً عن دفتر سادس فيه إفادات سرّيّة عن حالات التسرّي والخلافات وما إليها.
ولم تُسدل الستارةُ على هذه الأزمة إلاّ عندما استدعى البطريرك الياس الحويّك، في 18 شباط 1926، شقيق المطران بولس، المونسنيور عبدالله، وأشار عليه بوجوب وضع حدّ لها، فأمكن، بعد مفاوضات كثيرة، التوصّل إلى فتوى تقول بأن يقف الورثة الكرسيّ وقفًا مؤبّدًا على الأبرشيّة، على أن يدفع لهم المطران 2500 ليرة ذهبيّة كنفقات دعاوى ورسوم محاكم وغيرها. والحقيقة أن لا شيء يجنّبنا المشاكل كمثل الفهم والتفهّم والتفاهم!
وقد تمّت المعاملات القانونيّة، في بكركي، حيث أقام بعد عينطورة، منتصفَ ليل الأحد الواقع فيه 20 حزيران 1926. فتوجّه المطران بشاره صبيحةَ الثلاثاء 22 حزيران، وللمرّة الأولى بعد تسقيفه، إلى كرسيّ عشقوت، وسط أهازيج الأهالي وقرع الأجراس. ولمّا بلغها، شكر الله على عنايته، وصلّى على ضريح سلفه، ووجّه رسالة إلى الأبرشيّة زفّ فيها إلى أبنائها بشرى استلامه الكرسيّ، معلنًا وجوبَ الإصلاح بمقتضى خطّة روحيّة، وتعزيز شأن المدارس، وإطلاق المشاريع المفيدة…
مَأثرة
إلاّ أنّ العناية الإلهيّة كانت تعدّ له مهمّة أخرى، هي الأولى في طائفتنا وشرقنا، وهي الإعداد لتطويب الشهداء المسابكيين الثلاثة الذين سُفكت دماؤهم في دمشق عام 1860. وقد حظي بنعمة مشاهدة صورة هؤلاء الإخوة الثلاثة تُرفَع فوق مذبح كاتدرائيّة القدّيس بطرس في 10 تشرين الأوّل 1926، وأُوتي القولَ النبويّ في حضرة رأس الكنيسة وسائر أحبارها: “أملنا وطيد أنّ دم هؤلاء الشهداء سيكون بذارَ حياة جديدة لتجديد الكنيسة الشرقيّة، ووساطةً فعّالة للتقرّب والاتّحاد بين الشرق والغرب”. وقد تعيّن يوم عيدهم في الأحد الثاني من تمّوز، لأنّ استشهادَهم كان في 10 تمّوز!
الكرسيّ
أمّا كرسيّ عشقوت فتقع على تلّة من أرز وصنوبر وشربين وكروم عنب وفاكهة، تبلغ مساحتها 45538 م2؛ وتتألّف أصلاً من طابقين:
في الأرضيّ: رواق مقنطر، ندخل منه إلى 14 غرفة، وإلى الكنيسة التي لها أيضًا مدخلان خارجيّان.
في الأوّل: وتصعد إليه على درج معلّق مقوّس مفروق، بهوان كبيران وصالونان و 12 غرفة.
وعام 1967، عهدَ المطران ميخائيل ضوميط، ومع قرار استحداث إكليركيّة للأحداث في الطائفة، حُوّل الطابق الأوّل إلى مدرسة لهم (حوالى 50 تلميذًا)، وأُضيف طابق عُلويّ تحت خيمة القرميد للّعب والاستراحة. وقد تواصل التعليمُ فيها بإشراف الخوري أسقف جوزف حبيقة حتّى بداية الحرب في لبنان عام 1975. ولاحقًا، أُلغي العمل بمبدأ قبول الأحداث في الإكليريكيّة المارونيّة. وفي ذلك العهد، وفضلاً عن البيوت الثلاثة السابقة، شُيِّدت أربع بنايات للإيجار الصيفيّ.
ومع المطران جي-بولس نجيم عام 1990، فُرز قسمٌ من الطابق الأرضيّ مركزًا من مراكز إعادة تأهيل المدمنين على المخدّرات، الذين يرعاهم تجمّع أمّ النور، الذي كان أسّسه سيادته، وهو خوري، عام 1985، واتّخذ طابع الرسميّة بعلم وخبر في 25/11/1989. وأُلحق بهذا القسم منشآت ذات وظائف خاصّة في خدمة دواعي التأهيل.
وممّا يُذكر أيضًا أنّ الكرسيّ تشتمل على مقتنيات ثمينة كالثياب والأواني والكتب واللوحات الزيتيّة كلوحة ارتداد مار بولس والصعود وبعض وجوه مَن تَسَقّفوا على الأبرشيّة.
أساقفتها
الأساقفة الذين تعاقبوا على إدارة شؤون هذه الأبرشيّة ورعاية نفوسها هم:
– المطران حنين: وكان في العام 1363، على ما ذكر الدويهي في كتابه “ردّ التهم”.
– المطران أنطونيوس: أسقفيّته من 1523 إلى وفاته 1529.
– المطران جرجس الإهدنيّ: أسقفيّته من 1529 إلى وفاته 1561.
– المطران جرجس القبرصيّ: أسقفيّته من 1561 إلى وفاته 1577.
– المطران جرجس البسلوقيتي: أسقفيّته من 1577 إلى وفاته 1580.
– المطران يوسف الرزّي: أسقفيّته من 1595 إلى 1596 تاريخ انتخابه بطريركًا، وكانت وفاته في 1608.
– المطران سركيس الرزّي الأوّل: أسقفيّته من 1600 إلى وفاته 1608.
– المطران سركيس الرزّي الثاني: أسقفيّته من 1608 إلى وفاته1638
– المطران يوسف بن عميمه الكرمسدّيّ: أسقفيّته من 1644 إلى وفاته 1653.
– المطران يعقوب الرامي: أسقفيّته من 1653 إلى وفاته 1658.
– المطران سركيس الجمري الإهدنيّ: أسقفيّته من 1658 إلى وفاته 1668.
– المطران مخايل الغزيريّ: لا ذكر إلاّ لوفاته في 6/11/1697.
– المطران سمعان عوّاد الحصرونيّ: أسقفيّته من 1716 إلى 1743 تاريخ انتخابه بطريركًا، وكانت وفاته في 1756.
– المطران مخايل الصايغ: أسقفيّته من 1746 إلى وفاته 1755.
– المطران أرسانيوس عبد الأحد: أسقفيّته من 1755 إلى 1765 تاريخ نقله إلى كرسيّ أخرى وتوفّي عام 1788.
– المطران روفايل الحاقلاني المصبحانيّ: أسقفيّته من 1765 إلى 1767 تاريخ تثبيته في كرسيّ طرابلس فقط، وكانت وفاته في 1780.
– المطران مخايل حرب الخازن: أسقفيّته من 1767 إلى وفاته مدبّرًا بطريركيًّا 1786.
– المطران يوسف التيّان: أسقفيّته من 1786 إلى 1788 تاريخ انتقاله إلى كرسيّ أخرى، وانتُخب بطريركًا عام 1796، واستقال عام 1809 ليتزهّد في قنّوبين، وكانت وفاته في 1820.
– المطران جرمانوس الخازن: أسقفيّته من 1794 إلى وفاته قاصدًا رسوليًّا في سوريا 1805.
– المطران اسطفان الخازن الأوّل العجلتونيّ: أسقفيّته من 1796، وعلى الشام 1805، إلى وفاته 1830.
– المطران يوسف راجي الخازن: أسقفيّته من 1830 إلى انتخابه بطريركًا 1845، وكانت وفاته في 1854.
– المطران اسطفان الخازن الثاني: أسقفيّته من 1848 إلى وفاته 1868.
– المطران نعمة الله الدحداح: أسقفيّته من 1872 إلى وفاته نائبًا بطريركيًّا 1890.
– المطران بولس مسعد: أسقفيّته من 1892 إلى وفاته 1919. وهو مَن بنى كرسيّ عشقوت.
– المطران بشاره الشمالي: أسقفيّته من 1919 إلى وفاته 1927. وهو مَن ثبّت كرسيّ عشقوت.
– المطران يوحنّا الحاج: أسقفيّته من 1927 إلى وفاته 1955.
– المطران عبدالله نجيم: موقّتًا بصفة مدبّر بطريركيّ، فضلاً عن أبرشيّته بعلبك.
– المطران ميخائيل ضوميط: أسقفيّته من 1960 إلى وفاته 1989. ومعه عُدِّلت التسمية من أبرشيّة دمشق إلى أبرشيّة صربا، فأنشأ مركزًا شتويًّا لهذه الأبرشيّة في صربا على عقار لوقف كاتدرائيّة مار جرجس، فيما بقي صرح عشقوت مركزًا صيفيًّا.
– المطران يوسف بشاره: موقّتًا بصفة مدبّر بطريركيّ، فضلاً عن أبرشيّته أنطلياس، من 1989 إلى 1990.
– المطران جي-بولس نجيم: أسقفيّته نائبًا بطريركيًّا من 1990 إلى 28 تموز 2012.
– المطران بولس روحانا: أسقفيّته نائبًا بطريركيًّا من 29 تموز 2012 إلى الآن.