التنشئة المسيحية لغبطة البطريرك مار بشاره بطرس الراعي
الأحد الرابع من زمن القيامة 7 أيار 2017(يوحنا 21: 1-14)
الربّ يسوع القائم من الموت يواصل ترائيه لرسله الأحد عشر، لكي يُشدّد إيمانهم، ويُدخلهم في فهم عمق تصميم الله الخلاصي، ويؤهّلهم ليكونوا الفاعلين في تحقيق هذا التّصميم لخلاص جميع النّاس. إنجيل الصّيد العجيب علامة لانتشار الكنيسة في العالم الواسع، وسع البحر، ولمهمّتها في صيد البشر للخلاص، بواسطة شبكة الإنجيل المنفتحة على كلّ الشّعوب، انفتاح الشبكة لجميع أسماك البحر.
في هذا الأحد الأوّل من شهر أيار تحيي الكنيسة عيد سيّدة لبنان. إلى عنايتها نوكل حياتنا ولبنان وهذا المشرق، ملتمسين منها السلام والاستقرار والنعم اللّازمة لخلاص نفوسنا.
أوّلاً، شرح نص الإنجيل
من إنجيل القديس يوحنا 21: 1-14
قالَ يُوحنَّا الرَسُول: ظَهَرَ يَسُوعُ لِتَلامِيذِهِ مَرَّةً أُخْرَى عَلى بُحَيْرَةِ طَبَرَيَّة، وهكَذَا ظَهَر: كَانَ سِمْعَانُ بُطْرُس، وتُومَا المُلَقَّبُ بِالتَوْأَم، ونَتَنَائِيلُ الَّذي مِنْ قَانَا الجَلِيل، وابْنَا زَبَدَى، وتِلْمِيذَانِ آخَرَانِ مِنْ تَلامِيذِ يَسُوع، مُجْتَمِعِينَ مَعًا. قَالَ لَهُم سِمْعَانُ بُطْرُس: «أَنَا ذَاهِبٌ أَصْطَادُ سَمَكًا». قَالُوا لَهُ: «ونَحْنُ أَيْضًا نَأْتِي مَعَكَ». فَخَرَجُوا وَرَكِبُوا السَفِينَة، فَمَا أَصَابُوا في تِلْكَ اللَيْلَةِ شَيْئًا. ولَمَّا طَلَعَ الفَجْر، وَقَفَ يَسُوعُ عَلى الشَاطِئ، ولكِنَّ التَلامِيذَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ يَسُوع. فَقَالَ لَهُم يَسوع: «يا فِتْيَان، أَمَا عِنْدَكُم شَيءٌ يُؤْكَل؟». أَجَابُوهُ: «لا!». فَقَالَ لَهُم: «أَلقُوا الشَبَكَةَ إِلى يَمينِ السَفِينَةِ تَجِدُوا». وأَلقَوها، فَمَا قَدِروا على اجتذابِها مِنْ كَثْرَةِ السَمَك. فقالَ ذلِكَ التِلْميذُ الَّذي كانَ يَسُوعُ يُحِبُّهُ لِبُطرُس: «إنَّهُ الرَبّ». فلمَّا سَمِعَ سِمْعَانُ بُطْرُسُ أَنَّهُ الرَبّ، إِتَّزَرَ بِثَوْبِهِ، لأَنَّهُ كانَ عُريانًا، وأَلْقَى بِنَفْسِهِ في البُحَيرَة. أَمَّا التَلاميذُ الآخَرونَ فَجَاؤوا بالسَفينَة، وهُمْ يَسْحَبُونَ الشَبَكَةَ المَمْلُوءَةَ سَمَكًا، ومَا كانوا بَعِيدينَ عَن البَرِّ إلاَّ نَحوَ مِئَتَي ذِرَاع. وَلَمَّا نَزَلُوا إلى البَرّ، رَأَوا جَمْرًا وَسَمَكًا على الجَمْر، وخُبْزًا. قالَ لَهُم يَسُوع: «هَاتُوا مِنَ السَمَكِ الَّذي أَصَبْتُمُوهُ الآن». فصَعِدَ سِمْعَانُ بُطرُسُ إلى السفينَة، وجَذَبَ الشَبَكَةَ إلى البَرّ، وهِيَ مَمْلوءَةٌ سَمَكًا كَبيرًا، مِئَةً وثَلاثًا وخَمْسين. ومَعَ هذِهِ الكَثْرَةِ لَمْ تَتَمَزَّقِ الشَبَكة. قالَ لَهُم يَسُوع: «هَلُمُّوا تغدَّوا». ولم يَجْرُؤْ أَحَدٌ مِنَ التَلاميذِ أَنْ يَسْأَلَهُ: «مَنْ أَنْت؟»، لأَنَّهُم عَلِمُوا أَنَّهُ الرَبّ. وتَقَدَّمَ يَسُوعُ وأَخَذَ الخُبْزَ ونَاوَلَهُم. ثُمَّ فَعَلَ كذلِكَ بالسَمَك. هذِهْ مَرَّةٌ ثالِثَةٌ ظَهَرَ فيها يَسُوعُ لِلتَلاميذِ بَعْدَ أَنْ قامَ مِنْ بَينِ الأَمْوات.
1. منذ قيامته ويسوع يظهر لرسله في أماكن مختلفة وأنواع متعدّدة: في العليّة مرّتين (راجع يو20: 19-29)، وعلى طريق عمّاوس (راجع لو 24: 13-35)، وفي أورشليم: في البيت (لو24: 36-43). والآن على شاطئ بحيرة جناشر في آية الصّيد العجيب.
يُمثّل الأحد عشر وسائر التّلاميذ والمؤمنات الكنيسة الأولى النّاشئة، التي تظهر دائمًا في حالة اجتماع بقيادة بطرس. فها هو يذهب إلى صيد السّمك ويذهب معه ستّة آخرون. في هذه الوحدة كوّنوا قلبًا واحدًا ونفسًا واحدة، وخدموا المحبة، مع نشر الكلمة والصلاة وكسر الخبز (راجع أعمال2: 44).
2. قوّة الكنيسة ومصداقيّة رسالتها هما في وحدتها. لذلك صلّى الرّبّ يسوع إلى أبيه، قبيل آلامه وموته: “ليكونوا واحدًا، كما نحن واحد، فيؤمن العالم أنّك أنت أرسلتني، وأنّك أحببتهم كما أحببتني” (راجع يو 17: 11، 21،23).
رسالة الكنيسة، التي تعيش الوحدة في داخلها، إنما هي العمل على شدّ روابط الوحدة في العائلة والمجتمع والوطن. وهذه حاجة مجتمع اليوم الممزّق بالنّزاعات والخلافات والأنانيّات والشرذمة والنّميمة والأحكام المسبقة.
3. كانت عمليّة الصيد فاشلة تلك اللّيلة (راجع الآية 3). تمامًا عند فشلهم تراءى لهم يسوع عند الفجر واقفًا على شاطئ البحيرة، ولم يعرفوه (الآية 4). يسوع القائم من الموت والحيّ في كنيسته وهو رأسها، هو حاضر أبدًا فيها، يسهر عليها، يوجّهها، يشدّدها، ويُخرجها من حالة الفشل واليأس والقنوط. ونعني الكنيسة بأبنائها وبناتها ومؤسّساتها. هو حاضر بشكل غير منظور من خلال كلامه ونعمة الأسرار وروحه القدّوس الحيّ والمحيي. هذا هو مصدر رجائنا ومبرّره. الفشل دعوة للإقرار بمحدوديّتنا، وللاتكال على قدرة الله الحيّ التي نلتمس تجلّيها في حياتنا وفي تاريخ البشر.
تراءى لهم عند الفجر، للدّلالة أنّ اللّيل مهما كان مشتدّ الظّلام، يبقى له فجرٌ يزيل ظلمته. هذه هي حالنا: فمهما عظمَت مصاعب الحياة وظلماتها الماديّة والرّوحيّة والمعنويّة، يبقى لنا فجر الخلاص بشخص يسوع المسيح. جميل أن يكون كلّ إنسان فجرًا لأخيه الإنسان في ظلمته الخاصّة!
4. بادرهم بالتّرائي وبالسّؤال إذا ما كان لديهم شيء يؤكَل، أو بكلام آخر إذا كانوا اصطادوا شيئًا. وإذ أتى الجواب بالنّفي (الآية 5)، بادرهم من جديد بالصيد العجيب. إنّه دائمًا صاحب المبادرة الأولى، ويدعونا لنفعل كذلك، في الصّمت المطبِق أبادر بكلمة أو خبر أو سؤال. في النّزاع أبادر إلى التّفاهم والمصالحة. في رؤية فقير أو مريض أو محتاج من أي نوعٍ كان أبادر إلى مدّ يد المساعدة.
من الضّرورة أن نعبّر عن حاجاتنا أمام الله بروح الأبناء وثقتهم، لكي يمنحنا من جودته ما نحن بحاجة إليه. سؤال يسوع ليس لمجرّد المعرفة بل من أجل أداء الخدمة، هو الذي سبق وقال: “ما جئتُ لأُخدَم، بل لأَخدُم” (متى 20: 28).
5. لقد وجّههم يسوع لإلقاء الشبكة عن يمين السّفينة ليجدوا (الآية 6). إنّه يوجّه الكنيسة في رسالتها كلّ يوم. وهي من جهتها بحاجة لتعود إليه كي يوجّهها بأنوار روحه القدوس وكلمته، فتميّز الحاجات وتقرأ علامات الأزمنة، وتنطلق في إلقاء شبكة الإنجيل عبر كلّ نشاطاتها الرّوحيّة والراعويّة والاجتماعيّة، وعبر مؤسّساتها التربويّة والاستشفائيّة والإنسانيّة، وحيثما وُجدت وكيفما وُجدت.
عندما ألقوا الشبكة ضبطوا سمكًا كثيرة حتّى أنّهم لم يقدروا عل اجتذاب الشّبكة (الآية 6). إنّها ثمرة طاعة الإيمان. فالإيمان بالمسيح لا يقف عند قبول كلامه وإبقائه ضمن حدود المعرفة، بل ينبغي أن يكتمل بطاعته أي العمل بموجب كلام الله، فيؤتي ثماره. لا تخضع رسالة الكنيسة لحسابات عقلانيّة بل لتحدّيات متواصلة، لأنّ المسيح هو الضّامن لنجاحاتها، مهما كانت مظاهر الفشل كبيرة ومقنعة. هكذا كان تحدّي رمي الشّباك عند الصّباح، وهو ليس الوقت الملائم للصّيد.
لا أحد يستطيع تقدير ما تصطاده شبكة كلام الله، عندما نُلقيها عن اقتناع، خاصّة في هذه الأيّام مع وسائل الإعلام وتقنيّاتها المتطوّرة، التي تصل إلى ملايين من المشاهدين والقرّاء والسّامعين. فالذي يُثمر هو المسيح، ونحن علينا أن نزرع ونسقي، على ما قال بولس الرّسول.
6. يوحنا بحبّه عرف يسوع من صوته ومن الصّيد العجيب. وبطرس بإيمانه وحبّه جاء سابحًا إلى يسوع، ولم تعد تعنيه أو تُعزّيه كثرة الأسماك. هاتان الفضيلتان، الإيمان والحبّ أساس العلاقة بالمسيح وبالله. ليست علاقتنا بالله عقليّة، تحليليّة، حسابيّة، بل علاقة إيمان، لأنّه الحقيقة، وعلاقة حبّ، لأنّه المحبّة. ما إن سمع بطرس من فم يوحنا “أنّه الرّبّ”، حتى ألقى بنفسه في الماء على الفور آتيًا إلى يسوع. بسبب إيمانه وحبّه. فلا تردّد، ولا تساؤل. إنّه مثالٌ لنا في التّصديق والاندفاع وعدم التردّد والإخلاص.
7. كانت السّفينة مملوءة سمكًا، بينهم 153 سمكة كبيرة، ومع هذا لم تتمزّق الشّبكة (الآية 11). الشّبكة هي رمز الكنيسة التي تصطاد البشر لملكوت الله. إنّها ضعيفة وخاطئة بعنصرها البشري، لكنّها قويّة ومقدّسة بعنصرها الإلهي. المسيح – الرأس هو الذي بالروح القدس، يقوّيها ويُقدّسها، وضمن وحدتها بالرّغم من ثقل المصاعب من داخلها ومن خارجها.
العدد 153 يرمز إلى شموليّة رسالة الكنيسة التي تجعلها “كنيسة جامعة”. فالعدد يعني شعوب الأرض المعروفين آنذاك. وهنا المسيح يُرسل برسله لإلقاء شبكة الخلاص إلى كلّ الأمم وإلى العالم كلّه، وإلى الخلق أجمعين (راجع متى 28: 19؛ مر 16: 15).
8. وكان من يسوع مبادرة ثالثة: إذ حينما وصلوا بالسفينة إلى البرّ، وجدوا أنّ الرّبّ هيّأ لهم الجمر والسمك والخبز وطلب أن يُضيفوا إليها ما اصطادوا هم، ودعاهم إلى الغداء. وكما في عشائه الأخير أخذ خبزًا وناولهم. إنّها مائدة الرّبّ القربانيّة: نحن نقدّم الخبز والخمر من تعبنا، وهو يحوّله إلى جسده ودمه، ذبيحة فداء ومائدة الحياة الإلهيّة. يدعونا لنقدّم مثله ذواتنا وأعمالنا لتمجيد الآب ولحسن القيام برسالة الكنيسة.
* * *
ثانيًا، سنة الشهادة
نختم اليوم نقل مضمون رسالتي تحت عنوان “سنة الشهادة والشهداء” (9 شباط 2017). فننقل خاتمتها: سنة الشهادة والشّهداء مناسبة فريدة لتجديد التزامنا المسيحي بالشهادة للمسيح، والاستعداد لتأديتها حتى شهادة الدّم، من أجل انتصار المحبّة على الحقد، والسلام على الحرب، والأُخوّة على العداوة، والعدالة على الظلم. وهي سنة تنتزع الخوف من قلوبنا، فيما نشهد في أيّامنا اعتداءات واضطهادات على المسيحيِّين في أنحاء عديدة من العالم، وبخاصّة في بلدان الشَّرق الأوسط قتلًا ودمارًا وتشريدًا وتهجيرًا. وقد وصف قداسة البابا فرنسيس هذا الواقع في عظة له بمناسبة عيد مار اسطفانوس الشهيد، قال: “نحتفل اليوم باستشهاد القدِّيس اسطفانوس الشهيد الأوّل، الذي يدعونا للتمثّل بالشهادة التي تركها لنا بتقدمة ذاته. إنّها الشهادة الممجّدة للاستشهاد المسيحي حبًّا بيسوع المسيح، الذي لا يزال حاضرًا في تاريخ الكنيسة حتى أيامنا. وقد أعلن الربّ يسوع لتلاميذه: ويبغضُكم جميعُ الناس من أجل اسمي (متى 10: 22). ولكن، لماذا يبغض العالم المسيحيّين ويضطهدهم؟ فيجيب: للسبب نفسه الذي جعلهم يبغضون المسيح، وذلك لأنّه حمل إلى العالم نور الله، أمّا العالم ففضّل الظلمة لكي يخفي أعماله الشريرة… واليوم أيضًا تعاني الكنيسة أقسى الاضطهادات، في أماكن عديدة، حتى الاستشهاد. أخوة وأخوات لنا يعانون من الظلم والعنف والاضطهاد وهم مبغضون من أجل اسم المسيح. شهداء اليوم هم أكثر من شهداء القرون الأولى” (راجع كلمته في التبشير الملائكي، 26/12/2016).
في سنة الشهادة والشهداء، نرفع عقولنا وأفكارنا إلى أمِّنا مريم العذراء، سلطانة الشهداء، راجين أن تكون هذه السنة زمنَ رجاء وصمود، من أجل أن يكتمل عمل الفداء الذي بدأه وأتمّه المسيح ربّنا، عملًا بقول القدّيس بولس الرسول: “إنّي أتمّ في جسدي ما ينقص من آلام المسيح، لأجل جسده الذي هو الكنيسة” (كول1: 24). ولتكُنْ لنا هذه السنة حافزًا لاقتفاء آثار شهودنا وشهدائنا، وجمع تراثهم، واكتشاف المنسيِّين وغير المعروفين، فيكونوا جميعهم شفعاء لنا ومثالًا في اتِّباع المسيح والشهادة لمحبّته، في العطاء والتضحية والغفران والمصالحة.
* * *
ثالثًا، خدمة المحبة الاجتماعية
ننقل اليوم من رسالتي العامة الخامسة تحت عنوان “خدمة المحبة الاجتماعية” (25 أذار 2017)، من فصلها الثاني منطلقات رسالة الكنيسة الاجتماعية:
ولو ان رسالة الكنيسة لا تعتمد نظامًا سياسيًّا أو اقتصاديًّا أو إجتماعيًّا محدَّدًا، فإن لها دورًا مميّزًا في المجتمع من أجل تحرير الناس من كلّ ما يعوق نموّهم البشري والروحي، لأنّ “مجد الله هو الإنسان الحيّ”، على ما يقول القدّيس إيريناوس[1].
وعلى هذا الأساس، أنشأت كنيستنا المارونيّة مؤسّسات اجتماعيّة خيريّة، ومدارس التعليم العام والتقني، وجامعات ومعاهد وكلّيّات ومستشفيات ومستوصفات ومراكز متخصّصة للمسنّين والأطفال ذوي الاحتياجات الخاصّة والمعوَّقين واليتامى. وأفسحت في المجال أمام أبنائها لاستثمار ممتلكاتها وأوقافها زراعيًّا وصناعيًّا وسياحيًّا وتجاريًّا. وفي كلّ ذلك أمّنت العديد من فرص العمل، والتوظيف، والمساعدات الماليّة والمساندة للعائلات من أجل عيش كريم. كما أسّس مجلس البطاركة والأساقفة الكاثوليك في لبنان رابطة كاريتاس لبنان، لتكون جهاز الكنائس الكاثوليكيّة الاجتماعي والإنمائي.
في مسيرة الكنيسة هذه، الإنسان، كلّ إنسان، هو الطريق الأوّل الذي يجب عليها أن تسلكه لدى قيامها برسالتها، وقد شقّهُ المسيح بسرَّي التجسّد والفداء، فتُعنى به في كلّ مكوِّنات حياته: تقف على حالته وتُحفّز طاقاته، تتنبّه لِما يتهدّده من أخطار؛ تحرّره من كلّ ما يحولُ دون أن تصبح حياته أكثر إنسانيّة؛ تعمل على تعزيز ما يتّفق ومقوِّمات الحياة وكرامة الإنسان الحقّة؛ تعتني بكامل وجوده أي في شخصه وحياته العائليّة والجماعيّة والإجتماعيّة، وفي نطاق حياته الثقافيّة والوطنيّة. ذلك أنّ مصير الإنسان يرتبط بالمسيح ارتباطًا وثيقًا لا ينفصم، في ولادته وموته وفي دعوته في الحياة، وفي خلاصه أو هلاكه [2].
* * *
صلاة
أيّها الربّ يسوع، أنت حاضر في حياة الكنيسة، كما في حياة أبنائها وبناتها ومؤسّساتها. تعضدُها وتوجّهها بكلمتك وهداية الروح القدس، وترسلها إلى العالم لتلقي شبكة الإنجيل من أجل خلاص جميع الشعوب. نشكرك على محبّتك وعنايتك يا ربّ. زدْنا إيمانًا بك وبعنايتك لنصمد بوجه الصعاب في هذه الأرض المشرقيّة التي عليها حقّقتَ الظهور الإلهي وفداء البشريّة الجامعة، وأسّست الكنيسة لتكون أداة الخلاص الشامل. ومن أرضنا هذه أعلنت لكلّ شعوب الأرض إنجيل الحياة الأبدية. شدِّد إيماننا بك واتّكالنا على نعمتك. وليرتفع دائمًا من أرضنا المشرقيّة كلِّها نشيد المجد والتسبيح للثالوث القدّوس، الآب والابن والروح القدس، الآن وإلى الأبد، آمين.