الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس
الأمازون الحبيب
Querida Amazonia
من الأب الأقدس فرنسيس
إلى شعب الله وإلى جميع الأشخاص ذوي الإرادة الطيبة
- يَظهر الأمازون الحبيب للعالم بكلّ بهائه، ومأساته، وسرّه. وقد أعطانا الله نعمة أن يكون الأمازون محور السينودس الذي انعقد في روما بين 6 و27 أكتوبر/تشرين الأوّل، والذي اختُتم بنصّ عنوانه الأمازون: مسارات جديدة للكنيسة ولإيكولوجيا متكاملة.
معنى هذا الإرشاد
- لقد استمعت خلال السينودس إلى المداخلات وقرأت باهتمام مساهمات الحلقات الصغيرة. وأودّ أن أعبّر من خلال هذا الإرشاد، عمّا تركَته فيّ من أصداء مسيرةُ الحوار والتمييز هذه. لن أَعرض هنا جميع القضايا المذكورة بالتفصيل في الوثيقة الختامية. ولا أنوي استبدالها أو تكرارها. أودّ فقط أن أقدّم إطارًا موجزًا للتفكير يجسّد، في واقع الأمازون، ملخّصًا لبعض المخاوف الرئيسية التي أعربت عنها في مستنداتي السابقة والتي تساعد وتحضّر لقبولٍ متناغم ومبدع ومثمر لمسار السينودس بأكمله.
- أودّ في الوقت عينه، أن أقدّم هذه الوثيقة رسميًّا: فهي تعطينا استنتاجات السينودس، وقد تعاوَن في تحضيرها الكثير من الأشخاص الذين يعرفون أكثر منّي ومن الكوريا الرومانية مشكلة الأمازون، لأنهم يعيشون فيها ويعانون معها ويحبّونها بشغف. وفضّلت ألّا أقتبس من تلك الوثيقة في هذا الإرشاد، لأنني أدعو إلى قراءتها بالكامل.
- أسأل الله أن يكون هذا العمل مصدر إفادة وتحفيز للكنيسة بأسرها، وأن يلتزم بتطبيقه الكهنة، المكرّسون والمكرّسات، والمؤمنون في الأمازون، وأن يُلهم جميع الأشخاص ذوي النوايا الحسنة.
أحلام لمنطقة الأمازون
- إن الأمازون هو مجموعة متعدّدة الجنسيات، متّصلة ببعضها البعض، وعبارة عن منطقة إحيائية كبيرة تتقاسمها تسع دول: البرازيل وبوليفيا وكولومبيا والإكوادور وغيانا والبيرو وسورينام وفنزويلا وإقليم غويانا الفرنسي. ومع ذلك، أوجّه هذا الإرشاد إلى العالم بأسره. فمن ناحية، بهدف المساعدة في إثارة المودّة والاهتمام لهذه الأرض التي هي أيضًا “أرضنا”، والدعوة إلى الإعجاب بها ورؤيتها كسرٍّ مقدّس. ومن ناحية أخرى، لأن اهتمام الكنيسة بمشاكل هذا المكان يُجبرنا على أن نسترجع بإيجاز، بعض القضايا التي يجب ألّا ننساها، والتي يمكن أن تلهم مناطق أخرى من الأرض في مواجهة تحدّياتها الخاصّة.
- إن كلّ ما تُقدّمه الكنيسة يجب أن يتجسّد بطريقة أصيلة في كلّ مكان من العالم، حتى تكتسب عروسُ المسيح وجوهًا متعدّدة الأشكال تُظهِر بشكل أفضل غنى النعمة الذي لا ينضب. فيجب على البشارة بالإنجيل أن تتجسّد، وعلى الروحانية أن تتجسّد، وعلى هيكليات الكنيسة أن تتجسّد. ولذا أجرؤ بكلّ تواضع، في هذا الإرشاد الموجز، على التعبير عن أربعة أحلام كبيرة يلهمني الأمازونُ إياها.
- أحلم بأمازون يناضل من أجل حقوق الفقراء، والشعوب الأصليّة، والمهمشين، وحيث يُسمع صوتهم وتُعزّز كرامتهم.
أحلم بأمازون يحافظ على تلك الثروة الثقافية التي تميّزه، وحيث يسطع جمال الإنسان بأشكاله المتنوعّة.
أحلم بأمازون يحمي بغيرة الجمال الطبيعي الساحر الذي يزيّنه، والحياة الزاخرة التي تملأ الأنهار والغابات.
أحلم بجماعات مسيحية قادرة على بذل الذات والتجسّد في منطقة الأمازون، إلى حدّ منح الكنيسة وجوهًا جديدة ذات ملامح أمازونية.
الفصل الأوّل حلم اجتماعي
- حلمنا هو حلمٌ بأمازون يدمج ويعزّز جميع سكّانه حتى يتمكّنوا من ترسيخ “العيش الكريم”. لكن الأمر يتطلّب صرخة نبوية وجهدًا كبيرًا من أجل الفقراء. لأنه، على الرغم من أنّ الأمازون يواجه كارثة بيئية، تجدر الإشارة إلى أن “النهج البيئي الحقيقي يتحوّل دائمًا إلى نهجٍ اجتماعيٍّ عليه أن يُدرج العدالة في المناقشات حول البيئة، كي يَسمع نداء الأرض كما وصرخة الأكثر فقرًا”[1]. فأيّ حركةِ حفاظٍ على البيئة “تهتمّ بالمنطقة الإحيائية ولكن تتجاهل شعوب الأمازون”[2]هي غير مجدية.
ظلم وجرائم
- إن المصالح الاستعمارية التي نشرت وساهمت في نشر – بطريقة شرعية وغير شرعية – قطع الأخشاب وتصنيع المعادن، والتي طردت وحاصرت الشعوب الأصليّة، وسكّان السواحل، والشعوب المنحدرة من أصل أفريقي، ولّدت صراخًا يعلو إلى السماء:
“كثيرة هي الأشجار حيث سكن التعذيب، وواسعة الغابات التي اشتروها بألف جُرم”[3].
“لدى تجّار الأخشاب أعضاء في البرلمان، أمّا الأمازون فليس لديه من يدافع عنه […]
نفوا الببغاوات والقرود[…] وحصاد الكستناء لن يعود”[4].
- وقد زاد هذا من حركات الهجرة الأخيرة للسكّان الأصليّين نحو ضواحي المدن. ولم يجدوا فيها أي تحرّر حقيقي من مأساتهم بل أسوأ أشكال العبودية، والخضوع، والبؤس. وفي هذه المدن، التي تتميّز بعدم مساواة فادحة، وحيث يعيش معظم سكّان الأمازون اليوم، يزداد أيضًا الكره تجاه الغرباء، ويزداد الاستغلال الجنسيّ والاتّجار بالبشر. لذا فإن صرخة الأمازون لا تنبع من قلب الأدغال فحسب، بل أيضًا من داخل مدنها.
- ليس من الضروريّ بالنسبة لي أن أكرّر هنا التحليلات الواسعة والكاملة التي سبق وقُدّمَت قبل السينودس وخلاله. لكن نذكّر على الأقلّ بإحدى الأصوات التي سُمِعَت: “لقد تضرّرنا من بعض تجّار الخشب ومربّي الماشية كما وأطرافٍ أخرى. وتهدّدنا جهات فاعلة اقتصادية تبني نموذجًا لا يتوافق مع أراضينا. تدخل الأراضي شركاتٌ تُعنى بالغابات كي تستغلّها، ونحن نعتني بالغابات من أجل أبنائنا، ولدينا المواشي، والأسماك، والأدوية النباتية، والأشجار المثمرة […] أمّا بناء محطّات الطاقة الكهرومائية، ومشروع الممرّ المائي فيؤثّر على النهر وعلى الأراضي […] لقد صرنا منطقة من الأراضي المسلوبة”[5].
- لقد سبق واستنكر سلفي، بنديكتس السادس عشر، “الدمار البيئي في الأمازون وكلّ ما يهدّد كرامة سكّانه”[6]. وأريد أن أضيف أنه تم ربط الكثير من المآسي إلى “طابع سرّي أمازونيّ” زائف. فقد اشتهرت الأمازون منذ العقود الأخيرة من القرن الماضي، بأنها فراغ كبير يجب الاهتمام به، وكثروة ميسورة يجب تطويرها، وكغابة برّية هائلة يجب “ترويضها”. وكلّ هذا عبر نظرة لا تعترف بحقوق الشعوب الأصليّة أو تتجاهلها ببساطة كما لو كانت غير موجودة أو كما لو كانت لا تنتمي إلى تلك الأراضي التي تقطنها. حتى في البرامج التربوية للأطفال والشبيبة، كان يُنظر إلى الشعوب الأصليّين على أنهم دخلاء أو منتهكون. لا أحد يهتمّ لحياتهم ولمخاوفهم وطريقتهم في الجهاد والكفاح، بل يُعتَبَرون عقبةً يجب التخلّص منها أكثر منهم كائنات بشرية يتمتّعون بالكرامة نفسها التي يتمتّع بها أيّ شخص آخر وبحقوق مكتسبة.
- وقد ساهمت بعض الشعارات في هذا الالتباس، من بينها “عدم التسليم”[7]، كما لو أن هذا الاستعباد لا يمكن أن يأتي إلّا من بلدان خارجية، فيما أن السلطات المحلّية شاركت هي أيضًا، بحجّة التنمية، في تحالفات تهدف إلى تدمير الغابة -وأشكال الحياة التي تستضيفها- دون أن تُعاقب ودون حدود. وغالبًا ما شهدت الشعوبُ الأصليّة، وهي عاجزة، تدميرَ البيئة الطبيعية التي كانت تؤَمّن لهم الطعام والشفاء والاستمرار والحفاظ على نمط حياة وعلى ثقافة منحاهم الهويّة والمعنى. إن التباين في القوّة هي هائلة، ولا يملك الضعفاء موارد للدفاع عن أنفسهم، بينما يستمرّ الأقوى بأخذ كلّ شيء، “وتبقى الشعوب الفقيرة فقيرة، والغنية يزداد غناها”[8].
- علينا أن نطلق الاسم المناسب على العمليات الاقتصادية، الوطنية منها أو الدولية، التي تلحق الضرر بالأمازون ولا تحترم حقّ الشعوب الأصليّة في السيادة على أرضهم وترسيمها، وفي تقرير مصيرهم وفي الموافقة المسبقة: هو ظلم وجريمة. عندما تسيطر على الأراضي بعضُ الشركات، المتعطّشة للأرباح السهلة، وتحصل على خصخصة حتى مياه الشرب، أو عندما تفسح السلطات المجال أمام الصناعات الخشبيّة وتصنيع المعادن أو النفط أو الأنشطة الأخرى التي تدمّر الغابات وتلوّث البيئة، تتحوّل العلاقات الاقتصادية بطريقة غير سليمة وتصبح أداة للقتل. وغالبًا ما يتمّ استخدام سبل غير أخلاقية، مثل تجريم الاحتجاجات وحتى قتل السكّان الأصليّين المعارضين للمشاريع أو التسبّب عمدًا في حرائق الغابات أو رشوة السياسيين والسكّان الأصليّين أنفسهم. ويرافق ذلك انتهاكات خطيرة لحقوق الإنسان وأشكال جديدة من العبودية التي تُطال بشكل خاصّ النساء، انطلاقًا من طاعون الاتّجار بالمخدّرات الذي يسعى إلى إخضاع السكّان الأصليّين، أو الاتّجار بالأشخاص الذي يستغلّ الذين طُرِدوا من إطارهم الثقافي. لا نقدر أن نسمح بأن تتحوّل العولمة إلى “شكل جديد من الاستعمار”[9].
التعبير عن الاستياء وطلب المغفرة
- من الضروري أن نستاء[10]، كما غضب موسى (را. خر 11، 8)، وكما غضب يسوع (را. مر 3،5)، وكما غضب الله إزاء الظلم (را عا 2، 4- 8؛ 5، 7- 12؛ مز 106، 38- 40). ليس من السليم أن نتعوّد على الشرّ، وليس من الجيّد أن نسمح بأن يخدّروا ضميرنا الاجتماعي فيما أن “سلسلة من الفضلات، بما في ذلك الموت، في منطقتنا بأسرها […] تُعرّض حياة الملايين من الناس للخطر ولاسيما موائل المزارعين والسكّان الأصليّين”[11]. يجب أن تثير قصص الظلم والقسوة التي حدثت في منطقة الأمازون خلال القرن الماضي، رفضًا عميقًا، لكن عليها في الوقت نفسه أن تجعلنا أكثر حساسية حتى نرى الأشكال الحالية من الاستغلال البشري، وسوء المعاملة والموت. ونسترجع على سبيل المثال، فيما يتعلّق بالماضي المشين، قصّة عن معاناة السكّان الأصليّين في عصر المطّاط في الأمازون الفنزويلية: “لم يُعطَى السكّان الأصليّين المال، بل بضائع فقط وبأسعار مرتفعة ولم يتمّموا الدفع أبدًا […] كانوا يدفعون ويقولون لأحد السكّان الأصليّين: »أنت، عليك دين كبير«، وكان عليه أن يعود إلى العمل […] لقد دُمِّرت أكثر من عشرين قرية يكوانا بالكامل. وتعرّضت نساء يكوانا للاغتصاب وبترت صدورهن، وأُفرغت أحشاء الحاملات منهن. أمّا الرجال فقطعت أصابعهم أو المَعصمين حتى لا يتمكنوا من التنقل في القوارب […] مع مشاهد أخرى من الساديّة الفظيعة”[12].
- إن هذا التاريخ من الألم والازدراء لا يُشفى بسهولة. ولم يتوقّف الاستعمار، لا بل في كثير من الأماكن يتحوّل ويتنكّر ويستخفي[13]، لكنه لم يفقد التسلّط على حياة الفقراء وهشاشة البيئة. أشار أساقفة الأمازون البرازيلي إلى أنّ “تاريخ الأمازون يبيّن أنه كان هناك دائمًا أقلّية تستربح على حساب فقر الأغلبية، ومن سرقة دون رحمة للثروة الطبيعية للمنطقة، التي هي هبة إلهية للشعوب التي تعيش هناك منذ آلاف السنين وللمهاجرين الذين وصلوا خلال القرون الماضية”[14].
- في الوقت عينه، الذي نسمح فيه بإظهار غضب سليم، نتذكّر أنه من الممكن دومًا التغلّب على مختلف الرؤى الاستعمارية من أجل بناء شبكات من التضامن والتنمية، “التحدي هو ضمان عولمة تضامنية، عولمة لا تهمل أحدًا”[15]. يمكن إيجاد بدائل غير ملوِّثة، لتربية الماشية والزراعة المستدامة، والطاقة، ولمصادر عمل جديرة لا تتضمّن تدميرًا للبيئة والثقافات. وفي الوقت نفسه، من الضروريّ ضمان تربية مناسبة للسكّان الأصليّين وللفقراء يطوّر قدراتهم ويقيّمهم. وهنا على وجه التحديد، في تحقيق هذه الأهداف، يأتي دور دهاء السياسيين وقدرتهم الحقيقية. والمطلوب ليس هو إعادة الحياة للأموات، الحياة التي حُرموا منها، ولا حتى تقديم التعويض للناجين من تلك المذابح، إنما أن نكون أقلّه اليوم حقًّا إنسانيّين.
- نعود فنتشجّع إذ نتذكّر، وسط التجاوزات الخطيرة لاستعمار الأمازون، المليئة “بالتناقضات والجراح”[16]، وصول العديد من الإرساليّين مع الإنجيل، تاركين بلادهم ومستعدّين لقبول حياة زاهدة وصعبة إلى جانب المناطق الأكثر ضعفًا. نعلم أنهم لم يكونوا كلّهم مثاليّين، لكن عمل الذين ظلّوا أمينين للإنجيل ألهم أيضًا “تشريعات مثل قوانين جزر الهند التي تحمي كرامة الهنود من الانتهاكات ضدّ شعوبهم وأراضيهم”[17]. ونظرًا لأن الكهنة هم الذين كانوا يحمون السكّان الأصليّين من اللصوص والمعتدين، فقد ذكر الإرساليّون أنهم: “طلبوا منّا بإصرار ألّا نتخلّى عنهم ونالوا وعدَنا بالعودة مرّة أخرى”[18].
- لا ينبغي أن تكون الكنيسة أقلّ التزامًا في الوقت الحالي، وهي مدعوّة للاستماع إلى صرخات شعوب الأمازون “حتى تمارس دورها النبوي بشفافية”[19]. وفي الوقت نفسه، بما أننا لا نستطيع أن ننكر أن القمح كان مخلوطًا مع الزؤان وأن الإرساليّين لم يكونوا دائمًا إلى جانب المظلومين، أشعر بالخجل ومرّة أخرى “أعتذر بكلّ تواضع، ليس فقط عن أخطاء الكنيسة نفسها ولكن عن الجرائم المرتكبة ضدّ الشعوب الأصليّة أثناء ما يسمّى بغزو أميركا”[20]وعن الجرائم البشعة التي ارتكبت طوال تاريخ الأمازون. أشكر أعضاء الشعوب الأصليّة، وأقول لهم مجدّدًا: “إنكم، عبر حياتكم، تمثّلون صيحة موجّهة للضمير […] إنكم الذاكرة الحيّة للرسالة التي عهد بها الله إلينا جميعًا: الاعتناء بالبيت المشترك”[21].
حسٌّ جَماعيّ
- إن النضال الاجتماعي يتطلّب قدرة أخويّة، وروح شراكة إنسانية. وبالتالي، دون التقليل من أهمّية الحرّية الشخصيّة، من الواضح أن الشعوب الأصليّة في الأمازون تتمتّع بحسّ جماعيّ قويّ. وبهذه الطريقة يعيشون “العمل والراحة والعلاقات الإنسانية والطقوس والاحتفالات. كلّ شيء مشترك، والمساحات الخاصّة -نموذجية لعصرنا- هي ضئيلة. الحياة هي مسار جماعيّ حيث توزّع المهام والمسؤوليات وفقًا للصالح العام. لا يوجد مكان لفكرة الفرد المنفصل عن الجماعة أو عن أراضيه”[22]. وتتشبّع هذه العلاقات الإنسانية بالطبيعة المحيطة بالشعوب، لأنهم يشعرون بها وينظرون إليها كحقيقة تدمج مجتمعهم وثقافتهم، وكأنها امتداد لجسمهم الشخصي والأُسري والجماعي:
“يقترب ذاك النجم وترفرف أجنحة الطائر الطنان؛ رَعْد قلبي أقوى من هدير الشلال، سوف أسقي الأرض من شفتيك هاتين فليلهو النسيم بهدوء حولنا”[23].
- هذا يضاعف من المفعول التفكّكي لفقدان الجذور الذي يعيشه السكّان الأصليّين الذين يضطرون للهجرة إلى المدينة، ويحاولون الاستمرار، وأحيانًا بشكل غير لائق، وسط عادات حضرية فردية للغاية وبيئة معادية. كيف يمكن معالجة ضرر بهذا الحجم، وكيف يمكن إعادة بناء حياة أولئك الأشخاص التي فقدت جذورها؟ إزاء هذا الواقع، يجب أن نثمّن ونرافق كلّ الجهود التي تبذلها العديد من هذه المجموعات الاجتماعية من أجل الحفاظ على قيمها ونمط حياتها، والاندماج في سياقات جديدة دون أن تفقدها، لا بل، وتقدّمها كمساهمة في الصالح العام.
- لقد افتدى المسيح الكائن البشري بكامله ويريد إعادة قدرة كلّ فرد على إقامة علاقات مع الآخرين. ويقترح الإنجيل المحبّة الإلهية التي تنبع من قلب المسيح وتولّد البحثَ عن العدالة التي هي في الوقت عينه أغنية إخاء وتضامن، وحافز لثقافة اللقاء. فحكمة نمط حياة الشعوب الأصليّة -بالرغم من كلّ الحدود التي قد تميّزهم- تحفّزنا على تعميق هذه الرغبة. ولهذا السبب، طلب أساقفة الإكوادور “نظامًا اجتماعيًا وثقافيًا جديدًا يعزّز العلاقات الأخوية، في إطار اعترافٍ وتقديرٍ لمختلف الثقافات والنظم الإيكولوجية، نظامًا قادرًا على معارضة جميع أشكال التمييز والهيمنة بين الكائنات البشرية”[24].
مؤسّسات متضرّرة
- لقد ذكّرنا في كن مسبّحًا، أنه “إن كان كلّ شيء متّصلًا، فإن الحالة الصحّية لمؤسّساتِ مجتمعٍ ما تنطوي على عواقب تؤثّر في البيئة وفي نوعيّة الحياة البشرية […] ففي داخل كافّة المستويات الاجتماعية، وفيما بينها، تتطوّر المؤسّسات التي تنظّم العلاقات الإنسانية. وأيّ شيء قد يُلحق بها الأذى، له تأثيراته الضارّة، كفقدان الحرّية والظلم والعنف. يَحكمُ العديد من البلدان نظام مؤسّساتي هش، على حساب معاناة الشعب”[25].
- كيف هو حال مؤسّسات المجتمع المدني في الأمازون؟ تشير وثيقة عمل السينودس، التي تجمع العديد من مساهمات الأفراد والجماعات في الأمازون، إلى “ثقافة تسمّم الدولة ومؤسّساتها، تتخلّل جميع القطاعات الاجتماعية، بما في ذلك جماعات السكّان الأصليّين. إنها آفة أخلاقية حقيقية؛ ونتيجة لذلك، فقدت الثقة في المؤسّسات وممثّليها، ممّا يشوّه تمامًا السياسة والمنظّمات الاجتماعية. إن شعوب الأمازون ليسوا غرباء عن الفساد، وباتوا ضحاياه الرئيسيّة”[26].
- لا يمكننا الإنكار أن بعضَ أعضاء الكنيسة كانوا جزءًا من شبكات الفساد، وأحيانًا إلى حدّ قبول التزام الصمت مقابل الحصول على مساعدات ماليّة من أجل أعمال كنسيّة. لهذا السبب بالتحديد، وردت مقترحات إلى السينودس تدعو “إلى إيلاء اهتمام خاصّ لمصدر التبرّعات أو لغيرها من الفوائد، وكذلك إلى الاستثمارات التي تقوم بها المؤسّسات الكنسية أو المسيحيّين”[27].
حوار مجتمعي
- على الأمازون أيضًا أن يكون مكانًا للحوار الاجتماعي، خاصّة بين الشعوب الأصليّة المختلفة، لإيجاد طرق لروح الشراكة والنضال المشترك. والجميع مدعوّ للمشاركة “كـضيف” وللبحث باحترام عن سبلٍ للقاء يُثري الأمازون. لكن إذا أردنا الحوار، فعلينا أوّلًا وقبل كلّ شيء أن نتحاور مع الأخيرين. فهم ليسوا مجرّد محاورين يجب إقناعهم، وليسوا حتى أشخاصًا إضافيّين يجلسون على طاولة نظرائهم. إنهم المحاورون الرئيسيّون، الذين يجب أن نتعلّم منهم أوّلًا، والذين يجب أن نصغي إليهم لما تفرضه العدالة من واجب، والذين يجب أن نطلب منهم الإذن لتقديم مقترحاتنا. وينبغي أن تكون كلمتهم وآمالهم ومخاوفهم أقوى صوت على أيّ طاولة حوار حول الأمازون، والسؤال الأكبر هو: كيف يتخيّلون هم “العيش الكريم” لأنفسهم ولذرّيتهم؟
- لا يجب أن يمنح الحوارُ الخيارَ التفضيليّ للدفاع عن الفقراء والمهمّشين والمستبعدين فحسب، بل أن يحترمهم كشخصيّات رئيسيّة. أي الاعتراف بالآخر وتقديره “كآخر”، مع حساسيّته وخياراته الشخصيّة وطريقة عيشه وعمله. وإلّا، فإن ما سينتج عنه سوف يكون، كما هو الحال دائمًا، “مشروعَ أقلّيةٍ من أجل الأقلّية”[28]، هذا إذا لم يكن “إجماعًا حول طاولة أو سلامًا زائلًا لأقلّية سعيدة”[29]. إذا كانت تحدث هذه الأمور، “فمن الضروري أن يُسمَعَ صوت نبويّ”[30]، ونحن المسيحيّون مدعوّون لإسماعه.
ومن هنا يأتي الحلم التالي.
الفصل الثاني حلم ثقافيّ
- إن المقصد هو تعزيز الأمازون: ولكن هذا لا يعني استعمارها ثقافيًا إنما مساعدتها على أن تستفيد من أفضل ما لديها. هذا هو معنى أرقى عمل تربوي: أن نزرع دون أن نحصد، وننمّي دون أن نُضعِف الهوية، ونعزّز دون أن نغزو. كما توجد إمكانيات في الطبيعة يمكن أن تضيع إلى الأبد، هكذا أيضًا قد يحدث مع الثقافات التي لديها رسالة لم تُسمَع حتى الآن والتي هي مهدّدة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى.
الأمازون المتعدّد الوجوه
- يوجد في الأمازون العديد من الشعوب والجنسيّات، وعدد الشعوب الأصليّة التي هي في عزلة طوعية (PIAV) يتخطّى المئة والعشر[31]. أوضاعهم هشّة للغاية ويشعر الكثيرون بأنهم آخر حماة لكنز مهدّد بالانقراض، كما لو كان يُسمح لهم فقط بالبقاء على قيد الحياة شرط ألّا يزعجوا، فيما أن استعمار ما بعد الحداثة يتقدّم. يجب أن نتجنّب اعتبارهم متوحّشين “غير متحضّرين”. لقد ابتكروا بكلّ بساطة ثقافات مختلفة وأشكالًا أخرى من الحضارة، وصلت قديمًا إلى مستوى ملحوظ من التنمية”[32].
- قبل الاستعمار، كانت الأماكن المأهولة تتركّز على ضفاف الأنهار والبحيرات؛ لكن تقدُّم الاستعمار دفع بالسكّان القدامى إلى داخل الغابة. والتصحّر المتزايد حاليًّا يدفع بالكثيرين مجدّدًا إلى النزوح، وينتهي بهم المطاف بالسكن في ضواحي المدن أو على أرصفتها وأحيانًا في بؤس شديد، ولكن أيضًا في تفتّت داخليّ بسبب فقدان القيم التي كانت تساندهم. وفي هكذا إطار، يفقدون النقاط المرجعية والجذور الثقافيّة التي منحتهم الهويّة والشعور بالكرامة، فينضمّون إلى صفوف “المُهَمَّشين”. وبهذه الطريقة تتوقّف مسيرة الانتقال الثقافي للحكمة التي انتقلت من جيلٍ إلى جيل عبر القرون. المدن، التي ينبغي أن تكون أماكن التقاء، وإثراء متبادل، وإخصاب بين الثقافات المختلفة، أصبحت مسرحًا لاستبعادٍ مؤلم.
- إن كلّ شعب تمكّن من البقاء في الأمازون يتمتّع بهويّته الثقافية وثروته الفريدة في عالم متعدّد الثقافات، وذلك بفضل العلاقة الوثيقة التي أقامها السكّان مع بيئتهم، في تعايش –غير حتميّ- يصعب فهمه بواسطة أنماط ذهنيّة خارجية:
“كان هناك ذات يوم منظر، وفيه النهر، وحيواناته، وغيومه وأشجاره.
لكن أحيانًا، عندما لم يكن ممكنًا من أيّ جهة، رؤية المنظر مع نهره وأشجاره، كان على هذه الأشياء أن تظهر في ذهن الفتى”[33].
“اجعل من النهر دمك [ …] ثم انغرس، أَزهر وانمو: دع جذورك تنغمس في الأرض إلى الأبد، وفي النهاية كن زورقًا، وقاربًا، وطوفًا، مركبًا صغيرًا، وجرّة، وإناءً ورَجلًا”[34].
- إن تنوّع المجموعات البشرية وأنماط حياتهم ونظراتهم للعالم، يشبه تنوعّ الإقليم، نظرًا لاضطرارهم إلى التكيّف مع الجغرافيا ومواردها. فجماعة صيّادي السمك ليست مثل جماعة صيّادي باقي الحيوانات، وجماعة مزارعي المناطق الداخلية ليست مثل جماعة مزارعي السهول الفيضانية. نجد في الأمازون الآلاف من جماعات السكّان الأصليّين، والمنحدرين من أصل أفريقي، وسكّان السواحل أو سكّان المدن، التي تختلف بدورها عن بعضها البعض، وتستضيف تنوّعًا بشريًا كبيرًا. إن الله يتجلّى من خلال الأرض وخصائصها، ويعكس شيئًا من جماله الذي لا ينضب. لذلك، فإن المجموعات المختلفة، باتّحاد حيوي مع بيئتها، تنمّي نوعًا خاصًّا من الحكمة. على الذين، من بيننا، يراقبون من الخارج أن يتجنّبوا التعميمات الجائرة أو الخطب التبسيطية أو الاستنتاجات المبنيّة فقط على أنماطنا العقلية واختباراتنا.
الاعتناء بالجذور
- أودّ الإشارة هنا إلى أن “الرؤية الاستهلاكية لدى الكائن البشري، والتي تشجّعها آليات الاقتصاد الحالي المعوّلم، تميل إلى صهر الثقافات في بوتقة واحدة وبالتالي إضعاف التنوّع الثقافي الهائل، والذي يشكّل ثروة للإنسانية”[35]. وهذا يؤثّر بشكل كبير على الشبيبة، عندما يميلون إلى “إلغاء الاختلافات الخاصّة ببلد منشئهم، وإلى تحويلهم إلى كائنات قابلة للتلاعب، مصنوعة في سلسلة”[36]. وبهدف تجنّب ديناميكية إفقار البشر هذه، من الضروريّ أن نحبّ الجذور وأن نعتني بها، لأنها “نقطة تجذُّرٍ تجعلنا ننمو ونواجه التحدّيات الجديدة”[37]. أدعو شبيبة الأمازون، وخاصة السكّان الأصليّين، إلى “حمل مسؤولية الجذور، لأن القوّة التي ستجعلهم ينمون ويزدهرون ويثمرون تأتي من الجذور”[38]. بالنسبة للمعمّدين من بينهم، تشمل هذه الجذور تاريخ شعب إسرائيل والكنيسة حتى يومنا هذا. إن معرفتها هي مصدر فرح وقبل كلّ شيء مصدر رجاء يُلهم أعمالًا شجاعة وقيّمة.
- نقلت شعوب الأمازون حكمته الثقافية شفهيًّا طيلة القرون، مع الخرافات والأساطير والروايات، كما كان الحال مع “القصّاصين البدائيّين الذين كانوا يجتازون الغابات ليسردوا القصص من قرية إلى أخرى، فيحافظوا على جماعة لكانت قد تجزّأت وانحلّت بسبب المسافة وقلّة التواصل، لولا الحبْلِ السرّي لتلك القصص”[39]. لذا فمن المهمّ أن “نسمح للمسنّين بأن يرووا القصص مطوّلًا”[40] وأن يتوقّف الشبيبة كي يرتووا من هذا المنبع.
- فيما أن خطر فقدان هذه الثروة الثقافية يزداد، نحمد الله على أن بعض الشعوب بدأت في السنوات الأخيرة في كتابة رواياتها ووصف معنى عاداتها. وبالتالي يمكنها أن تدرك، بشكل واضح، أن هناك أكثر من مجرّد هويّة عرقية وأنها مؤتمنة على ذكريات شخصية وعائلية وجماعية قيّمة. يسعدني أن أرى أن الذين فقدوا الاتّصال بجذورهم يحاولون استعادة الذاكرة المتضرّرة. من ناحية أخرى، وفي القطاعات المهنية أيضًا، بدأ ينمو شعور أكبر بالهويّة الأمازونية، وأصبح الأمازون حتى بالنسبة لهم، الذين غالبًا ما ينحدرون من أسر المهاجرين، مصدرًا للإلهام الفنّي والأدبي والموسيقي والثقافي. كانت الفنون المختلفة وخاصّة الشعر، مستوحاة من الماء والغابة وحياتها الصاخبة، بالإضافة إلى التنوّع الثقافي والتحدّيات البيئية والاجتماعية.
لقاء ما بين الثقافات
- إن ثقافات الداخل الأمازوني، مثل كلّ واقع ثقافي، لها حدودها؛ وللثقافات الحضرية في الغرب أيضًا حدودُها. فهناك عوامل، مثل النزعة الاستهلاكية والفردية والتمييز وعدم المساواة والكثير غيرها، تشكّل جوانب هشّة للثقافات التي يُفترض أنها أكثر تطوّرًا. والجماعات العرقية التي نمّت غنًى ثقافيًا مرتبطًا بالطبيعة، مع حسّ جماعيّ قويّ، تلاحظ بسهولة جوانبنا المظلمة، التي لا نراها في خضمّ التقدّم المزعوم. لذلك، فمن المفيد لنا أن نجني خبرة حياتهم.
- انطلاقًا من جذورنا نجلس على طاولة مشتركة، مكان للحديث وللرجاء المشترك. وهكذا يتحوّل الاختلاف، الذي قد يكون حاجزًا أو حدودًا، إلى جسر. الهوية والحوار ليسا أعداء. فالهوية الثقافية نفسها تتعمّق وتغتنى بالحوار مع الآخر المختلف، والحفاظ الأصيل عليها ليس عزلة تُفقِر. وبالتالي، ليس في نيّتي أن أقترح على السكّان الأصليّين تعلّقًا بالهوية مغلقًا بالكامل، خارجًا عن أيّ اعتبار تاريخي، صارمًا، يرفض أيّ نوع من أنواع التمازج. يمكن أن تصبح الثقافة عقيمة عندما “تنغلق على ذاتها وتحاول إدامة أنماط حياة عفا عليها الزمن، رافضة أيّ تغيير أو مواجهة حول حقيقة الإنسان”[41]. قد يبدو هذا غير واقعي، لأنه ليس من السهل حماية النفس من الغزو الثقافي. لذلك، يجب أن يولي الجميع هذا الاهتمام برعاية القيم الثقافية للمجموعات الأصليّة، لأن غِناهم هو أيضًا غِنانا. وإذا كنّا لا ننمو في هذا الشعور بالمسؤوليّة المشتركة تجاه التنوّع الذي يجمّل إنسانيّتنا، فلا نستطيع مطالبة الجماعات التي تعيش داخل الغابات بالانفتاح بكلّ براءة على “الحضارة”.
- من الممكن في الأمازون، حتى بين الشعوب الأصليّة المتنوّعة، تنمية “علاقات بين الثقافات حيث التنوّع لا يعني التهديد، ولا يبرّر التسلسل الهرمي لهيمنة البعض على الآخرين، بل يعني الحوار، انطلاقًا من رؤى ثقافية مختلفة، وفيه الاحتفال، وإقامة العلاقات المتبادلة وتجديد للرجاء”[42].
ثقافات مُهدَّدة، شعوب في خطر
- إن الاقتصاد المعولَم يضرّ، ودون مبالاة، بالغنى البشري والاجتماعي والثقافي. والتفكك الأسري، الذي يحدث نتيجة للهجرة القسرية، يؤثّر على نقل القيم، لأن “الأسرة كانت وما زالت دائمًا المؤسّسة الاجتماعية التي ساهمت أكثر من غيرها في الحفاظ على ثقافاتنا”[43]. بالإضافة إلى ذلك، “إزاء الغزو الاستعماري لوسائل الإعلام”، من الضروري تعزيز “اتّصالات بديلة [للشعوب الأصليّة] انطلاقًا من لغاتهم وثقافاتهم” و “أن يكون للسكّان الأصليّين أنفسهم حضور في وسائل الإعلام الحالية”[44].
- في أيّ مشروع كان لصالح الأمازون “من الضروري تَبَنِّي تطلّعات حقوق الشعوب والثقافات، وثمَّ الإدراك أن تطوّر مجموعة اجتماعيّة […] يتطلّب الجهد المستمر للجهات الاجتماعيّة المحلّية الفعّالة انطلاقًا من ثقافتهم الخاصة. فحتى مفهوم نوعيّة الحياة لا يمكن فرضه، وإنما يجب فهمه داخل عالم الرموز والعادات الخاصّة بكلّ مجموعة بشرية”[45]. ولكن إذا وُلدت ثقافات الشعوب الأصيلة وتطوّرت في علاقة وثيقة بالبيئة الطبيعية، فمن الصعب أن تستمرّ دون ضرر عندما تتضرّر تلك البيئة.
هذا يفتح الطريق أمام الحلم التالي.
الفصل الثالث حلم إيكولوجي
- إن الحياة اليوميّة في واقعٍ ثقافيّ مثل واقع الأمازون، حيث توجد علاقة وثيقة بين البشر والطبيعة، هي دائمًا حياة “كونيّة”. وتحرير الآخرين من العبودية يعني الاهتمام ببيئتهم والدفاع عنها[46]، ولكن بالأكثر يعني مساعدة قلب الإنسان على الانفتاح بثقة أمام الله الذي لم يخلق فقط كلّ ما هو موجود، بل وهب ذاته لنا في يسوع المسيح. الربّ، الذي يعتني بنا أوّلًا، يعلّمنا أن نعتني بإخوتنا وأخواتنا، وبالبيئة التي يمنحها لنا كلّ يوم. هذه هي البيئة الأولى التي نحتاج إليها. يمكننا أن نفهم بشكل أفضل في الأمازون، كلمات بندكتس السادس عشر عندما قال: “بالإضافة إلى إيكولوجية الطبيعة، هناك إيكولوجية يمكننا تسميتها “بشريّة”، والتي تتطلّب بدورها “إيكولوجية اجتماعية”. وهذا يعني أنه على الإنسانية […] أن تضع دائمًا في الاعتبار العلاقة بين الإيكولوجيا الطبيعية -أي احترام الطبيعة- والإيكولوجيا البشرية”[47]. إن هذا الإصرار على أن “كلّ شيء متّصل”[48]، ينطبق بشكل خاصّ على منطقة مثل منطقة الأمازون.
- إذا كانت رعاية الأشخاص ترتبط ارتباطًا وثيقًا بالعناية بالنظم الإيكولوجية، فهذا يصبح مهمًّا للغاية خاصّة عندما “لا تكون الغابة موردًا يجوز استغلاله، بل كائنًا، أو عدّة كائنات نتفاعل معها”[49]. إن حكمة الشعوب الأصليّة في الأمازون تحثّ على “الاعتناء بالخليقة واحترامها، مع إدراك واضح لحدودها، وحظر الإساءة إليها. فالإساءة إلى الطبيعة هي إساءة للأسلاف والإخوة والأخوات، والخلق، والخالق، ورهن للمستقبل”[50]. “عندما يبقى [السكان الأصليّون] في أراضيهم، إنهم هم بالتحديد الذين يهتمّون بها على أفضل وجه”[51]، شرط ألّا يخدعهم الكلام الساحر والعروض ذات المصلحة الخاصّة من قِبَلِ المجموعات. [وبالتالي] إن الأضرار التي لحقت بالطبيعة تؤثّر عليهم بطريقة مباشرة وواضحة، لأنهم -يقولون-: “نحن ماء البيئة التي خلقها الله وهواؤها وأرضها وحياتها. لذلك، نطلب أن تتوقّف الإساءة للأرض الأمّ وإبادتها. فالأرض لها دم وهي تنزف، والشركات المتعدّدة الجنسيات قطعت عروق أمّنا الأرض”[52].
حلم مصنوع من ماء
- المياه في الأمازون هي السيّدة، والأنهار والجداول تشبه الأوردة، وكلّ شكل من أشكال الحياة تنشأ منها:
“هناك، خلال الصيف الحارّ، عندما تنطوي آخر ريح من الرياح الشرقية، توقفها التيارات الثابتة، يُستَبدَل ميزان الحرارة بمقياس الرطوبة في تعريف المناخ. فالحياة تعتمد على تناوب مؤلم لارتفاع وانخفاض مستوى الأنهار الكبيرة. والطريقة التي يرتفع بها مستواهم هي دومًا مذهلة. يفيض نهر الأمازون متخطّيًا مجراه، ويرتفع مستوى مياهه في غضون بضعة أيام […] وفيضان النهر هو بمثابة موت. وبما أن الإنسان هو سجين شبكة “ممرات الزوارق”، فهو ينتظر، بهدوء مميّز، إزاء الموت الحتمي، نهاية ذلك الشتاء المتناقض، ذات الحرارة المرتفعة. وانخفاض المياه يعني حلول فصل الصيف. ويعني عودة النشاط البدائي للذين يعملون هناك، ومعاودة الشكل الوحيد للحياة المتوافق مع الطبيعة التي تُفرِط إلى أقصى حدّ في تعابيرها المختلفة، وتجعل من المستحيل الاستمرار بأيّ جهد”[53].
- إن مياه نهر الأمازون الكبير المبهرة تجمع وتحيي كلّ شيء من حولها:
“نهر الأمازون، يا عاصمة مقاطع المياه، يا أبًا بطريركًا، أنت الخلود السرّي للإخصاب، فيك تنصبّ الأنهار كالطيور…”[54].
- إنه أيضًا العمود الفقري الذي ينسّق ويوحّد: “النهر لا يفصلنا، بل يوحّدنا، ويساعدنا على العيش بين الثقافات واللغات المختلفة”[55]. في حين أنه يوجد في هذه المنطقة عدّة “أمازون”، إلّا أن محورها الرئيسي هو النهر الكبير، الذي هو ابن العديد من الأنهار:
«من أعلى قمم سلسلة الجبال، حيث الثلوج الأبديّة، انطلقت المياه ورَسمت خطًّا مرتعدًا على جلد الحجر القديم: وللحال وُلد الأمازون. ويولد في كلّ لحظة. ينزل كضوء بطيء ومتعرّج، كي يتنامى في الأرض. يجتاز المساحات الخضراء، ويرسم طريقه وينمو. وتظهر مياه جوفية كي تعانق المياه التي تنزل من جبال الأنديز. وتتدفّق المياه من السماء، من أحشاء السحب البيضاء التي تهزّها الريح. وتتقدّم متّحدة، وتتضاعف في مجارٍ لا تُحصى، وتروي السهل الهائل […]. إنها منطقة الأمازون الكبرى، وكلّها في المناطق المدارية الرطبة، مع غابتها المدمجة والمذهلة، حيث لا تزال تخفق الحياة التي ظهرت في أعماق المياه، سليمة، في أماكن شاسعة حيث لم يمسّها الإنسان أبدًا […]. ومنذ أن سكنها الإنسان، نشأ خوف رهيب من أعماق مياهه، وانتشر في أحشاء غابته العميقة: خوف من أن تكون الحياة، رويدًا رويدًا، في طريقها نحو النهاية”[56].
- لقد حاول الشعراء المشهورون، الذين وقعوا في حبّ جماله الهائل، التعبيرَ عمّا يجعلهم يشعرون به هذا النهر وعن الحياة التي ينشرها حيث يمرّ، في رقصة للدلافين، والأناكوندا، والأشجار والقوارب. لكنهم أيضًا يستنكرون المخاطر التي تهدّده. إن هؤلاء الشعراء، التأمّليون والنبويّون، يساعدوننا على تحرير أنفسنا من النموذج التكنوقراطي والاستهلاكي الذي يدمّر الطبيعة ويحرمنا من حياةٍ كريمةٍ حقًّا:
“العالم يتألّم من قدمين تحوّلا إلى مطّاط، وساقين إلى الجلد، وجسمٍ إلى قماش، ورأسٍ إلى فولاذ […]. العالم يتألّم من مجرفة تحوّلت إلى بندقية، ومحراثٍ إلى دبابة حربية، وصورةِ الزارع الذي يزرع إلى صورة جرّافة تقذف اللهب الذي لا ينبت من زرعه إلّا الصحراء. وحده الشعر، بصوته المتواضع، يمكنه إنقاذ هذا العالم”[57].
صرخة الأمازون
- إن الشعر يساعد في التعبير عن إحساس مؤلم يتشاركه الكثير منّا اليوم. والحقيقة التي لا مفرّ منها هي أن الحياة بتنوّعها والجمال الباهر، في ظلّ الظروف الحالية، وإزاء الطريقة التي يتمّ التعامل بها مع الأمازون، “يسيران نحو النهاية”، على الرغم من أن الكثيرين يريدون مواصلة الاعتقاد بأن لا شيء يحدث:
“أخطأ الذين اعتقدوا أن النهر مجرّد حلقة للهو. فالنهر وريد رفيع على وجه الأرض … النهر هو حبل تتشبّث به الحيوانات والأشجار. إذا سُحِب بشدّة، قد ينفجر النهر، قد ينفجر ويَغسِل وجوهنا بالماء والدم”[58].
- إن توازن الكوكب يعتمد أيضًا على صحّة الأمازون. فهو، مع المنطقة الإحيائية في الكونغو والبورنيو، يبهر بتنوّع غاباته، التي تعتمد عليها أيضًا دورات هطول الأمطار والتوازن المناخي ومجموعة كبيرة ومتنوّعة من الكائنات الحيّة. إنه يعمل كفلتر كبير لثاني أكسيد الكربون، والذي يساعد على تجنّب الاحترار العالمي. تفتقر التربة في جزء كبير منه إلى الدبال، وبالتالي فإن الغابة “تنمو حقًّا فوق الأرض وليس من الأرض”[59]. عندما نقضي على الغابة، لا يمكن استبدالها، لأن ما يَبقى إنما هي أرض تحتوي على القليل من العناصر الغذائية وتصبح أرضًا صحراوية أو تفتقر إلى الغطاء النباتي. وهذا أمرٌ خطير، لأن هناك موارد لا تحصى في الداخل الأمازوني، قد تكون ضرورية لعلاج الأمراض. وأسماكه وفاكهته وغيرها من الهبات الفائضة تثري الغذاء البشري. إضافة إلى ذلك، في نظام بيئي مثل الأمازون، إن مساهمة كلّ جزء هي ضروريّة للحفاظ على المجموعة. حتى الأراضي المنخفضة والغطاء النباتي البحري تحتاج إلى التسميد بما تحمله معها مياه الأمازون. تصل صرخة الأمازون إلى الجميع لأن “استغلال الموارد واستحواذها […] يهدّدان اليوم قدرة البيئة نفسها على الترحيب: فالبيئة باعتبارها مورد تعرّض للخطر البيئة باعتبارها بيت”[60]. لا ينبغي أن تأتي مصلحة بعض الشركات القويّة قبل مصلحة الأمازون والبشريّة جمعاء.
- لا يكفي الانتباه إلى الحفاظ على أهمّ الأنواع المنظورة المهدّدة بالانقراض. من الضروريّ أن نأخذ في الاعتبار أن النظم الإيكولوجية، كي تعمل بطريقة جيّدة، تحتاج “أيضًا للفطريّات والطحالب والديدان والحشرات الصغيرة والزواحف والأنواع التي لا تُحصى من الكائنات الحيّة الدقيقة. فبعض الأصناف النادرة، والتي عادة ما تمرّ دون أن تلفت الانتباه، تلعب دورًا حاسمًا وأساسيًا في تحقيق استقرار توازن المكان”[61]. يتمّ التغاضي عن هذا الأمر بسهولة عند تقييم الأثر البيئي للمشاريع الاقتصادية المتعلقة بالاستخراج والطاقة والأخشاب وغيرها من الصناعات التي تدمّر وتلوّث. من ناحية أخرى، تُعَدّ المياه، الوفيرة في الأمازون، من المواد الأساسية لاستمرار الحياة البشرية، لكن مصادر التلوّث هي في تزايد مستمرّ[62].
- في الواقع، بالإضافة إلى المصالح الاقتصادية لرجال الأعمال والسياسيين المحلّيين، هناك أيضًا “المصالح الاقتصادية الدولية الهائلة”[63]. الحلّ ليس، بالتالي، في “تدويل” الأمازون[64]، بل في حسّ أكبر بالمسؤولية من جانب الحكومات الوطنية. ولهذا السبب، فإن “التزام بعض المنظّمات الدولية، ومنظمات المجتمع المدني، في توعية الشعوب والتعاون الجدّي فيما بينها هو أمرٌ جدير بالثناء، وهي تلجأ أيضًا لوسائل الضغط الشرعية، كي تقوم كلّ حكومة بإتمام واجبها الخاص، غير القابل للتفويض، في المحافظة على البيئة وعلى الموارد الطبيعية لدولتها، دون أن تبيع نفسها لمصالح ملتبسة، محلّية كانت أم دولية”[65].
- من أجل الاعتناء بالأمازون، من الجيّد أن نجمع بين حكمة الأجداد والمعرفة التقنية المعاصرة، ولكن أن نسعى أيضًا إلى التدخّل على الأرض بطريقة مستدامة ونحافظ في الوقت نفسه على أسلوب حياة السكّان وأنظمة قيمهم[66]. ومن المناسب بالنسبة لهم، خاصّة للشعوب الأصليّة، تلقّي –بالإضافة إلى المعلومات الأساسية- المعلومات الكاملة والشفّافة عن المشاريع ونطاقها وآثارها ومخاطرها، بهدف مقارنة هذه المعلومات بمصالحهم ومعرفتهم بالمكان، كي يتمكّنوا بالتالي من إعطاء الموافقة أم لا، أو اقتراح البدائل[67].
- إن الأقوياء لا يرضون أبدًا بالأرباح التي يحصلون عليها، وموارد القوّة الاقتصاديّة تتفاقم للغاية مع التطوّر العلمي والتكنولوجي. ولذا فينبغي لنا جميعًا الإصرار على الحاجة الملحّة إلى “وضع نظام معياريّ يتضمّن حدودًا لا يمكن تجاوزها ويوفّر حماية للنظم الإيكولوجية، قبل أن تمحق الأشكال الجديدة من السلطة، الناجمة عن النموذج التقنيّ-الاقتصاديّ، ليس فقط السياسة بل أيضًا الحرّية والعدالة”[68]. إذا كانت دعوة الله تتطلّب إصغاء متنبّه إلى صرخة الفقراء والأرض في نفس الوقت[69]، فإن “صرخة الأمازون إلى الخالق تشبه صرخة شعب الله في مصر (را. خر 3، 7). إنها صرخة العبودية والتخلّي، التي تطالب بالحرّية”[70].
نبوءة التأمّل
- كثيرًا ما نسمح للضمير بأن يتخدّر، لأن “التشتّت المستمرّ يسلب منّا شجاعة الوعي بواقِعِ عالمٍ محدودٍ وزائل”[71]. من وجهة نظر سطحيّة، “إن الأمور لا تبدو خطيرة ظاهريًّا وباستطاعة الكوكب أن يستمرّ في وضعه الحاليّ لوقت مديد. هذا السلوك المراوغ يسمح لنا بالحفاظ على نمط الحياة والإنتاج والاستهلاك الذي اعتمدناه. إنها الطريقة التي يعتمدها الكائن البشري ليغذّي جميع رذائل التدمير الذاتي: بأن يحاول ألّا يراها، وبأن يجاهد كي لا يعترف بها، وبأن يؤجّل اتّخاذ القرارات الهامّة، وبأن يتصرّف وكأن شيئًا لم يكن”[72].
- علاوة على كلّ هذا، أودّ أن أذكّر أن كلّ نوع من الأنواع المختلفة يملك قيمة في حدّ ذاته، ولكن “آلاف الأصناف من النبات والحيوانات تنقرض سنويًّا ولن نتمكّن بعد من معرفتها، ولن يراها أبناؤنا، فقد انقرضت للأبد. والغالبية العظمى منها تفنى لأسباب تتعلّق ببعض الأنشطة البشرية. فبسببنا آلاف الأصناف لن تمجّد الله بوجودها، ولن تستطيع أن تنقل إلينا رسالتها الخاصّة. هذا ليس من حقّنا”[73].
- إذا تعلّمنا من الشعوب الأصليّة، يمكننا التأمّل بالأمازون وليس فقط تحليلها، كي ندرك هذا السرّ القيّم الذي يفوقنا. يمكننا أن نحبّها وليس فقط أن نستخدمها، بحيث يثير هذا الحبّ اهتمامًا عميقًا وصادقًا. وعلاوة على ذلك، يمكننا أن نشعر باتّحاد وثيق بها وليس فقط الدفاع عنها، ونتبنّى بالتالي الأمازون ويصبح بمثابة أمّ لنا. لأن “التأمّل بالعالم، بالنسبة للمؤمن، لا يتمّ من الخارج وإنما من الداخل، عبر الإقرار بالأواصر التي وحدّنا بها الآب مع جميع الكائنات”[74].
- دعونا نوقظ الحسّ الجمالي والتأمّلي الذي أودعه الله فينا والذي نغفل عن تنميته أحيانًا. نذكّر أنه حين “لا يتعلّم المرء التوقّفَ للتأمّل بالجمال وتقديره، فليس من المُستغرب أن يتحوّل كلُّ شيء إلى غرضٍ للاستخدام والاستغلال من دون أدنى شعور بالذنب”[75]. وفي المقابل، إذا جمعتنا روح الشراكة مع الغابة، فإن صوتنا سينضمّ بسهولة إلى صوتها ويتحوّل إلى صلاة: “مستلقون في ظلّ شجرة كينا قديمة، غمرت صلاتنا النوريّة أغنية أوراق الشجر الأبدية”[76]. إن تحوّلًا داخليًّا مثل هذا التحوّل هو ما سيسمح لنا بالبكاء من أجل الأمازون وبأن نصرخ معه أمام الربّ.
- قال يسوع: “أَما يُباعُ خَمسَةُ عَصافيرَ بِفَلسَيْن، ومَعَ ذلكَ فما مِنها واحِدٌ يَنساهُ الله” (لو 12، 6). إن الله الآب، الذي خلق كلّ كائن في الكون بمحبّة لا متناهية، يدعونا لنكون أدواته كي يسمع صرخة الأمازون. إذا استجبنا لتلك الصرخة المروعة، فسوف نُظهِر أن الآب السماوي لم ينسَ مخلوقات الأمازون. إن يسوع نفسه، بالنسبة للمسيحيّين، هو الذي يتوسّل إلينا من وسطها، “لأن القائم من بين الأموات يغمرها بطريقة سرّية ويقودها نحو مصير من الامتلاء. فزهور الحقل نفسها والطيور التي تأمّلَها بإعجاب، بعيونه البشرية، قد امتلأت الآن من حضوره المنير”[77]. لهذه الأسباب، نجد نحن المؤمنون في الأمازون مكانًا لاهوتيًا، ومساحة يُظهِر فيها الله نفسه ويدعو أبناءه.
التربية والعادات البيئية
- وبالتالي يمكننا أن نخطو خطوة إلى الأمام ونذكّر أن الإيكولوجية المتكاملة لا تكتفي بتكييف المسائل التقنية أو القرارات السياسية والقانونية والاجتماعية. لأن الإيكولوجية الكبيرة تتضمّن دائمًا جانبًا تربويًّا يقود إلى تنمية عادات جديدة لدى الأشخاص والمجموعات البشرية. وللأسف، فقد اكتسب العديد من سكّان الأمازون عادات نموذجية للمدن الكبيرة، حيث قد تجذّرت بعمق الاستهلاكية وثقافة الإهدار والإقصاء. لن يكون هناك إيكولوجية سليمة ومستدامة، قادرة على تغيير أيّ شيء، إذا لم يتغيّر الأفراد، وإذا لم يُشجَّعوا على تبنّي نمط حياة آخر، أقلّ شراسة، وأكثر هدوءًا، وأكثر احترامًا، وأقلّ قلقًا، وأكثر أخوّةً.
- في الواقع، “كلّما ازداد الفراغ في قلب الشخص، كلّما ازداد احتياجه إلى شراء أشياء وامتلاكها واستهلاكها. في هذا السياق، يبدو من غير الممكن أن يقبل أحدٌ أن يضع الواقع له حدودًا […] لذلك علينا ألّا نفكر فقط في إمكانيّة حدوث ظواهر مناخية رهيبة أو كوارث طبيعية كبيرة، وإنما أيضًا في كوارث ناجمة عن أزمات اجتماعية، لأن الهوس بنمطِ حياةٍ استهلاكي -خاصّة عندما يكون متاحًا فقط لعدد قليل من الأشخاص– يمكنه أن يؤجّج العنف والتدمير المتبادل”[78].
- إن الكنيسة، بتجربتها الروحية المديدة، وإدراكها المتجدّد لقيمة الخلق، واهتمامها للعدالة، وخيارها لصالح الأخيرين، وتقاليدها التربوية، وتاريخها المتجسّد في الثقافات الكثيرة التنوّع من جميع أنحاء العالم، تريد بدورها المساهمة أيضًا في رعاية ونموّ منطقة الأمازون.
ومع هذا يبدأ الحلم التالي، والذي أعتزم مشاركته مباشرة مع الكهنة والمؤمنين الكاثوليك.
الفصل الرابع حلم كنسيّ
- إن الكنيسة مدعوّة للسير مع شعوب الأمازون. وقد حظيت هذه المسيرة في أمريكا اللاتينية، بتعبيرات مميّزة مثل مؤتمر الأساقفة في ميدلين (1968) وتطبيقه على الأمازون في سانتاريم (1972)[79]؛ ثم في بويبلا (1979)، سانتو دومينغو (1992) وأباريسيدا (2007). ولا تزال المسيرة مستمرّة، وعلى المهمة الإرسالية، إذا كانت ترغب في تنمية كنيسة ذات وجه أمازوني، أن تنمو في ثقافة اللقاء نحو “انسجام تعدّدي”[80]. ولكن كي يكون هذا التجسّد للكنيسة والإنجيل ممكنًا، يجب أن يتردّد على الدوام صدى البشارة العظيمة التي حملها الإرساليّون.
البشارة الضرورية في منطقة الأمازون
- إزاء الكثير من الاحتياجات والقلق الذي يصرخ من قلب الأمازون، يمكننا أن نستجيب عبر المنظّمات الاجتماعية، والموارد التقنية، والمساحات المفتوحة للنقاش، والبرامج السياسية، وكلّ ما يمكن أن يكون جزءًا من الحلّ. لكن، نحن كمسيحيين، لا يمكننا أن نضع جانبًا الإيمان الذي نلناه من الإنجيل. نريد أن نناضل إلى جانب الجميع، وفي الوقت عينه لا نخجل من يسوع المسيح. لأن الذين التقوا به، يعيشون في صداقته ويتماهون مع رسالته، ولا يمكنهم إلّا التكلّم عنه ومنح الآخرين اقتراحه لحياة جديدة: “الوَيلُ لي إِن لم أبَشِّر!” (1 قور 9، 16).
- إن الخيار الأصيل للأفقر والمنسيّين، يدفعنا إلى تحريرهم من البؤس المادّي والدفاع عن حقوقهم، ويعني ضمناً أن نقترح عليهم الصداقة مع الربّ الذي يشجّعهم ويمنحهم الكرامة. من المحزن أن ينالوا منّا مدوّنة المعتقدات أو توصيات أخلاقية، بدل البشارة الخلاصيّة العظيمة، تلك الصرخة التبشيرية التي تصيب القلب وتعطي معنى لباقي الأمور. ولا يمكننا الاكتفاء برسالة اجتماعية. إذا بذلنا حياتنا من أجلهم، من أجل العدالة والكرامة التي يستحقّونها، لا يمكننا أن نخفي عنهم أننا نقوم بذلك لأننا نرى فيهم المسيح ولأننا نكتشف الكرامة الهائلة التي منحهم إياها الله الآب الذي يحبّهم إلى ما لا نهاية.
- يحقّ لهم أن يتلقّوا بشارة الإنجيل، خاصّةً تلك البشارة الأولى التي تُسمّى الكرازة والتي هي “الكرازة الأساسية، تلك التي يجب أن نسمعها مجدّدًا باستمرار وبطرق مختلفة، والتي يجب أن تُعلن على الدوام مجدّدًا خلال تلقين التعليم المسيحي، تحت شكل أو آخر”[81]. إنها بشارة بإله يحبّ بلا حدود كلّ إنسان، وقد أظهرَ تمامًا هذا الحبّ في المسيح الذي صُلِبَ من أجلنا وقام في حياتنا. أقترح إعادة قراءة ملخّص موجز حول هذا الموضوع في الفصل الرابع من الإرشاد المسيح يحيا. يجب أن يتردّد صدى هذا الإعلان باستمرار في منطقة الأمازون، ويُعبّر عنه في العديد من الأساليب المختلفة. فبدون هذا الإعلان الشغوف، تصبح كلّ بنية كنسية منظّمة غير حكومية إضافية، ولا نستجيب بالتالي لطلب يسوع المسيح: “اِذهَبوا في العالَمِ كُلِّه، وأَعلِنوا البِشارَةَ إِلى الخَلْقِ أَجمَعين” (مر 16، 15).
- يجب على أيّ مشروع تنشئة في الحياة المسيحية أن يكون محوره الدائم هذه البشارة، لأن مجمل “التنشئة المسيحيّة هي قبل كلّ شيء التعمّق في الكرازة التي تتجسّد أكثر فأكثر وبشكل أفضل”[82]. إن التفاعل الأساسي مع هذا الإعلان، عندما ينجح في إثارة لقاء شخصيّ مع الربّ، هو المحبّة الأخوية، تلك “الوصيّة الجديدة التي هي الأولى والعظمى والتي هي أفضل ما يميّزنا كتلاميذ”[83]. وبالتالي، فإن الكرازة والمحبّة الأخوية يشكّلان ملخّصًا رائعًا لكامل مضمون الإنجيل الذي لا يمكن عدم اقتراحه في الأمازون. هذا ما عاشه أعظم المبشّرين في أمريكا اللاتينية مثل القدّيس توريبيو دي موغروفيخو أو القدّيس خوسيه دي أنكييتا.
الانثقاف
- يجب على الكنيسة، فيما تعلن مجدّدًا الكرازة، أن تنمو في منطقة الأمازون. ولذا، فهي تجدّد هويّتها على الدوام عبر إصغائها وحوارها مع الأشخاص، ووقائع مكان تواجدها وقصصه. وبهذه الطريقة، يمكن الاستمرار في تطوير عملية انثقاف ضرورية، لا تحتقر أيّ شيء مما تتضمّنه ثقافات الأمازون من صلاح، بل تجنيه وتقوده إلى الكمال على ضوء الإنجيل[84]. كما وأنها لا تحتقر كنز الحكمة المسيحية المنقولة طيلة العصور، كما لو أردنا تجاهل التاريخ الذي عمل الله من خلاله بطرق متعدّدة، لأن وجه الكنيسة متعدّد «ليس فقط من منظور مكانيّ […] ولكن أيضًا من واقعها الزمنيّ”[85]. إنه التقليد الكنسيّ الأصيل، الذي ليس رواسب ثابتة أو قطعة متحف، إنما جذر شجرة متنامية[86]. إنه التقليد الألفيّ الذي يشهد على العمل الإلهيّ وسط شعبه و “لديه مهمّة الإبقاء على الشعلة حيّة، لا الحفاظ على رمادها”[87].
- لقد علّم القدّيس يوحنا بولس الثاني أنه عندما تقترح الكنيسة الإنجيل، هي “لا تنوي إنكار استقلالية الثقافة. بل على العكس، تكنّ لها أكبر قدر من الاحترام” لأن الثقافة “ليست فقط موضوع خلاص وارتقاء، بل يمكنها أيضًا أن تلعب دور الوساطة والتعاون”[88]. وقد ذكّر في حديثه الموجّه إلى الشعوب الأصليّة في القارّة الأميركية، أن “الإيمان الذي لا يصبح ثقافة هو إيمان لم يُقبَل بالتمام، ولم يُدْرس تمامًا، ولم يُعاش بأمانة”[89]. إن تحدّيات الثقافات تدعو الكنيسة إلى “حسّ نقدي يقِظ، ولكن أيضًا إلى اهتمام محفوف بالثقة”[90].
- تجدر الإشارة هنا إلى ما سبق وأعربت عنه في إرشاد فرح الإنجيل حول الانثقاف، والذي يقوم على القناعة أن “النعمة تفترض الثقافة، وموهبة الله تتجسّد في ثقافة الإنسان الذي يتقبّلها”[91]. نحن ندرك أن هذا ينطوي على حركة مزدوجة. من ناحية، ديناميكية إخصاب تسمح بالتعبير عن الإنجيل في مكان ما، لأنه “عندما يتلقّى مجتمع ما بشارة الخلاص، فإن الروح القدس يُخصب ثقافته بقوّة الإنجيل المغيّرة”[92]. ومن ناحية أخرى، تعيش الكنيسة نفسها مسار تقبّل يثريها بما سبق وزرعه الروح بطريقة سرّية في تلك الثقافة. وهكذا، “يجّمل الروح القدس الكنيسة، ويبيّن لها جوانب جديدة من الظهور الإلهيّ ويمنحها وجهًا جديدًا”[93]. هذا يعني في النهاية، أن نسمح ونشجّع البشارة بالإنجيل الذي لا ينضب، والذي بُشِّرَ به عبر استخدام “فئات من الثقافة التي تمّ إعلانه فيها، على الاندماج مع تلك الثقافة”[94].
- لذا، “كما يمكن أن نشهد في تاريخ الكنيسة، ليس [للمسيحية] مثال ثقافيّ واحد”[95] و “إنّا لا ننصف منطق التجسّد عندما نفكّر بمسيحيّة أحاديّة الثقافة والوتر”[96]. ومع ذلك، عندما يصل المبشّرون إلى مكان ما، الخطر هو في الاعتقاد بأنه لا ينبغي لهم أن يوصّلوا الإنجيل وحسب بل وأيضًا الثقافة التي نشأوا فيها، متناسين أن الأمر لا يتعلّق “بفرض شكل ثقافي معيّن، مهما كان جميلًا وقديمًا”[97]. من الضروري أن تُقبَل بجرأة جدّة الروح القدس القادر دائمًا على خلق شيء جديد من كنز يسوع المسيح الذي لا ينضب، لأن “الانثقاف يضع الكنيسة في مسيرة صعبة إنما ضرورية”[98]. صحيح أنه “على الرغم من أن هذه العمليّات هي دومًا بطيئة، إلّا أن الخوف يشلّنا كثيرًا في بعض الأحيان” ونتوصّل لأن “نشهد ركود الكنيسة العقيم”[99]. لا نخافنّ، ولا نقطعنّ أجنحة الروح القدس.
مسارات انثقاف في الأمازون
- من أجل تحقيق انثقاف متجدّد للإنجيل في الأمازون، تحتاج الكنيسة للإصغاء إلى حكمته القديمة، وللسماح للمسنّين بالتعبير، وللاعتراف بالقيم الموجودة في نمط حياة الجماعات الأصليّة، واسترجاع القصص الغنيّة الخاصّة بهذه الشعوب قبل فوات الأوان. وقد سبق وتلقّينا في الأمازون غنًى يأتي من ثقافات ما قبل كولومبوس، “مثل الانفتاح على عمل الله، والشعور بالامتنان لثمار الأرض، والطابع المقدّس للحياة البشرية، وتقدير الأسرة، والشعور بالتضامن والمسؤولية المشتركة في العمل المشترك، وأهمّية العبادة، والإيمان بحياة أبعد من الحياة الأرضية، والعديد من القيم الأخرى”[100].
- في هذا السياق، تعبّر شعوب الأمازون الأصليّة عن نوعيّة الحياة الأصيلة باعتبارها “عيش كريم” يتضمّن الانسجام الشخصيّ والعائليّ والمجتمعيّ والكونيّ، ويظهر في الطريقة الجماعيّة للتفكير في الحياة، وفي القدرة على إيجاد الفرح والملء في حياةٍ زهديّة وبسيطة، وكذلك في رعايةٍ مسؤولة للطبيعة التي تحافظ على الموارد للأجيال القادمة. باستطاعة الشعوب الأصليّة أن تساعدنا في إدراك ماهيّة الاتّزان السليم، وبهذا الصدد “لديهم الكثير ليعلّمونا”[101]. يعرفون كيف يكونون سعداء بالقليل، وينعمون بهبات الله الصغيرة دون أن يراكموا الكثير من الأشياء، ولا يدمّرون شيئًا إلّا لحاجة، ويحافظون على النظم الإيكولوجية ويدركون أن الأرض، فيما تهب نفسها لتحفظ حياتهم، كمصدر سخيّ، لها إحساسٌ والديّ يولّد حنانًا محفوفًا بالاحترام. يجب تقدير كلّ هذا وأخذه في الاعتبار في عمليّة التبشير[102].
- وفيما نناضل من أجلهم ومعهم، نحن مدعوّون “لنكون أصدقاءهم، وللإصغاء لهم، لنفهمهم ولنجني الحكمة السرّية التي يريد الله أن يوصلها إلينا من خلالهم”[103]. يحتاج سكّان المدن إلى تقدير هذه الحكمة ولأن يسمحوا “بإعادة تربيتهم” إزاء النزعة الاستهلاكية والعزلة الحضريّة. وباستطاعة الكنيسة نفسها أن تكون وسيلة تساعد على هذا الاسترجاع الثقافي في تلاحم جميل مع بشارة الإنجيل. بالإضافة إلى ذلك، أصبحت الكنيسة أداة للأعمال الخيرية لأن الجماعات الحضرية ليست فقط تبشيرية في بيئتها، ولكنها تستقبل أيضًا الفقراء الذين يصلون من الداخل بسبب البؤس. وأيضًا بفعلِ قرب الجماعات من المهاجرين الجدد لمساعدتهم على الاندماج في المدينة دون أن يقعوا في شبكات التدهور الموجودة فيها. وهذه الأعمال الكنسية التي تنبع من المحبّة هي مسارات قيّمة في إطار عمليّة الانثقاف.
- لكن الانثقاف يرفع ويمنح الملء. يجب بالطبع أن تُقدَّر الروحُ التي تتميّز بها الشعوب الأصيلة والتي ترى تواصلِ الخلق وترابطه، روح المجّانية التي تحبّ الحياة كهبة، روح الإعجاب المقدّس إزاء الطبيعة التي تتخطّانا بفيضٍ من الحياة. ولكن، هذا يعني أيضًا أن نحوّل أكثر فأكثر هذه العلاقة مع الله الحاضر في الكون إلى علاقة شخصيّة مع الـ “أنت” الذي يساند حياتنا الشخصية ويريد أن يمنحها معنًى، “أنت” الذي يعرفنا ويحبّنا:
“يطفو منّي الظلال، خشب ميت. ولكن النجم يولد دون عتاب، فوق أيدي هذا الطفل، أيدي خبيرة، تغزو المياه والليل. يكفيني أن أعرف أنك تعرفني، بالكامل، قبل أن أبصر النور”[104].
- وبالمثل، فإن العلاقة مع يسوع المسيح، الإله الحقّ والإنسان الحقّ، المحرّر والمخلّص، ليست عدوّة لهذه النظرة الكونيّة للعالم التي تميّز هذه الشعوب، لأنه هو أيضًا القائم من الموت الذي يخترق كلّ شيء[105]. “إن كلّ كائنات الكون الماديّ، بحسب الخبرة المسيحيّة، تَجدُ معناها الحقيقيّ في الكلمة المتجسّد، لأن ابن الله أخذَ في شَخصِهِ جِزءًا من الكون الماديّ، حيث أدخل بذور تحوّل نهائي”[106]. إنه موجود بطريقة مَجيدة وسريّة في النهر، وفي الأشجار، وفي الأسماك، وفي الريح، لأنه الربّ الذي يسود على الخلق دون أن يفقد جراحه الممجّدة، ويأخذ على عاتقه، في الإفخارستيا، كلّ عناصر الطبيعة ويعطي لكلّ شيء معنى الهبة الفصحيّة.
انثقاف مجتمعي وروحي
- نظرًا إلى حالة الفقر والتخلّي لدى عدد كبير من سكّان الأمازون، يجب أن يكون لهذا الانثقاف بالضرورة طابعًا اجتماعيًّا ملحوظًا وأن يتميّز بالدفاع الصارم عن حقوق الإنسان، فيسطع وجه المسيح الذي “أراد التماهي مع الأضعف والأفقر بحنان مميّز”[107]. لأننا “ندرك، من قلب الإنجيل، العلاقة الوثيقة القائمة بين إعلان البشارة والتنمية البشرية”[108]، وهذا يعني، بالنسبة للجماعات المسيحية، العمل من أجل ملكوت العدل والأشخاص المستبعدين. ولذا، فإن منح العمّال الرعويّين تنشئة كافية حول العقيدة الاجتماعية للكنيسة هو أمر في غاية الأهمّية.
- في الوقت نفسه، على انثقاف الإنجيل في الأمازون أن يدمج بشكل أفضل البعد الاجتماعي بالبعد الروحي، حتى لا يحتاج الفقراء إلى الذهاب للبحث، خارج الكنيسة، عن روحانيّة تتناسب مع توقهم لبعدها المتسامي. لذلك، فهي ليست مسألة تديّن منفِر وفردي يُسكت المطالب الاجتماعيّة بحياة كريمة، ولا مسألة إلغاء البعد المتسامي والروحي كما لو أن التطوّر الماديّ يكفي الإنسان. وهذا لا يدعونا إلى الجمع بين الأمرين وحسب، إنما لربطهما بشكل وثيق. فيسطع بهذه الطريقة الجمال الحقيقي للإنجيل، الذي يؤنسن بالتمام، والذي يمنح ملء الكرامة للناس والشعوب، والذي يملأ القلب والحياة كلّها.
نقاط انطلاق من أجل قداسة أمازونية
- وهكذا، قد تُولد شهادات قداسة ذات وجه أمازوني، لا تستنسخ نماذج من أماكن أخرى. قداسة مصنوعة من اللقاء والتفاني، والتأمّل والخدمة، والوحدة المضيفة والحياة المشتركة، من اتّزان فَرِح ونضال من أجل العدالة. “كلّ حسب طريقه”[109] يبلغ إلى هذه القداسة. وهذا ينطبق أيضًا على الشعوب، حيث تتجسّد النعمة وتتألّق عبر سمات مميّزة. نتخيّل قداسة ذات ميزات أمازونية، مدعوّة لتحفيز الكنيسة جمعاء.
- إن عمليّة الانثقاف، التي لا تتضمّن مسارات فرديّة وحسب، بل أيضًا جماعيّة، تتطلّب حبًّا للشعوب مليئًا بالاحترام والتفهّم. وقد بدأت هذه العمليّة في كثيرٍ من مناطق الأمازون. منذ أكثر من أربعين عامًا، أكّد أساقفة الأمازون في بيرو أن الذين يعلنون البشارة، في العديد من الفئات الاجتماعية الموجودة في تلك المنطقة، “ونشأوا على ثقافة متعدّدة الأشكال ومتغيّرة، قد نالوا البشارة في البداية”، لأنهم يملكون “بعض السمات الكاثوليكية الشعبية التي، حتى وإن روجّها ربما في البداية عمّالٌ رعويّون، إلّا أن الناس الآن قد تبنّوها وحتى قاموا بتغيير معانيها ونقلوها من جيل إلى جيل”[110]. لا نتسرّعنّ بالتالي في وصف بعض التعبيرات الدينية التي تنشأ تلقائيًا عن حياة الشعوب، على أنها أمور خرافيّة أو وثنيّة. لا بل من الضروري التعرّف على القمح الذي ينمو بين الزؤان، لأنه “في التقوى الشعبية، يمكن أن نفهم كيف انثقف الإيمان الذي قُبِلَ في ثقافة ما وكيف يواصل التناقل”[111].
- من الممكن تبنّي رمز من رموز الشعوب الأصليّة بطريقة ما دون أن يوصف بالضرورة بأمر وثنيّ. ويمكن تقدير أسطورة مشحونة بالمعنى الروحي، دون أن تُعتبر دائمًا خطأً وثنيًّا. تحتوي بعض الاحتفالات الدينية على معنى مقدّس وهي مساحات لقاء وإخاء، على الرغم من حاجتها إلى عمليّة بطيئة من التنقية والنضج. إن المبشّر الحقيقي يحاول اكتشاف المخاوف المشروعة التي تظهر من خلال التعبيرات الدينية والتي هي أحيانًا غير كاملة أو جزئية أو خاطئة، ويحاول الردّ عليها انطلاقًا من روحانيّة منثقفة.
- سوف تكون دون شكّ روحانيّة تتمحور حول الله والربّ فقط، ولكنها قادرة في الوقت نفسه على التواصل مع الاحتياجات اليومية للأشخاص الذين يبحثون عن حياة كريمة، والذين يرغبون في الاستمتاع بالوقائع الجميلة للحياة، وفي إيجاد السلام والوئام، وحلّ الأزمات الأسرية، وعلاج أمراضهم، ورؤية أبنائهم ينمون بسعادة. أمّا أسوأ خطر فقد يكون إبعادهم عن اللقاء بالمسيح من خلال تقديمه كعدوّ للفرح، أو كشخص لا يبالي بتطلّعات البشر ومخاوفهم[112]. من الضروريّ اليوم أن نظهر أن القداسة لا تحرم الأشخاص من “القوّة أو الحياة أو الفرح”[113].
انثقاف الليتورجيا
- إن انثقاف الروحانيّة المسيحيّة في ثقافات الشعوب الأصليّة يجد في الأسرار مسارًا ذات قيمة خاصّة، لأن الإلهيّ يتّحد فيها بالكوني، والنعمة تتّحد بالخلق. لا ينبغي أن تُفهم الأسرار في الأمازون على أنها انفصال بالنسبة للخلق. بل إنها “شكل مميّز به يتولَّى اللهُ الطبيعة، ويحوِّلها إلى وسيطة للحياة فَائِقة الطَّبِيعَة”[114]. إنها إتمام للخلق، ترفع فيه الطبيعة لتصير مكان النعمة وأداتها، من أجل “معانقة العالم على صعيد مختلف”[115].
- عبر الافخارستيا، أراد الله “في قمّة سّر تجسده، الدخولَ إلى أعماقِنا من خلالِ كِسرة مادَة […] فهي توحّد الأرضَ بالسماء، وتحتضن وتخترق كلّ الخليقة”[116]. لهذا السبب يمكنها أن تكون حافزًا “لكلّ مخاوِفِنا التي تخصّ البيئة، وتوجّهنا كي نكون حُراسًّا لكلّ الخليقة”[117]. وبالتالي “لا ننكر الطبيعة حين نريد اللقاء بالله”[118]. هذا يسمح لنا بأن نُدخِل في الليتورجيّا العديدَ من عناصر خبرة الشعوب الأصليّة في تواصلهم الحميم مع الطبيعة وتحفيز التعبيرات الأصليّة في الأغاني والرقصات والطقوس والإيماءات والرموز. لقد سبق وطلب المجمع الفاتيكاني الثاني ببذل الجهود من أجل انثقاف الليتورجيا عند الشعوب الأصليّة[119]، ولكن قد مرّ أكثر من خمسين عامًا ولم نحرز سوى تقدّم ضئيل في هذا النحو[120].
- يوم الأحد، “تضمّ الروحانية المسيحية قيمةَ الراحة والعيد. فالكائن البشري يميلُ إلى إدخال الراحةِ التأمّلية في نطاق غيرِ المُنتِج وغيرِ النافِع، ناسيًا أنه بهذا التفكير يُجَرِّد العملَ الذي يقوم به من أهمّ شيء: من معناه. إننا مدعوّون إلى إدراج بُعدٍ مُنفَتِح ومَجَّاني في تصرّفاتنا”[121]. تعرف الشعوب الأصليّة هذه المجانيّة وهذه البطالة التأمّلية السليمة. وينبغي على احتفالاتنا أن تساعدهم على عيش هذا الاختبار في ليتورجيّا الأحد وعلى إيجاد نور الكلمة والإفخارستيا التي تنير حياتنا الملموسة.
- إن الأسرار تُظهِر وتنقل الإله القريب الذي يأتي برحمة كي يشفي أبنائه ويقويهم. لذلك يجب أن يتوفّروا للفقراء بشكل خاص، ولا يجب أن يُحرموا منها أبدًا لأسباب مادّية. كما أنه ليس من المسموح، إزاء فقراء ومنسيّي الأمازون، وجود نظام يستثني ويستبعد، لأنهم بهذه الطريقة يُستبعدون من قِبَلِ كنيسة تحوّلت إلى جمارك. لا بل، ” في الأوضاع الصعبة التي يعيشها الأشخاص الأكثر عوزًا، على الكنيسة أن تقدّم عناية خاصّة كي تفهم، وتعزِّي، وتضمّ، متجنِّبةً أن تفرض عليهم سلسلة من القوانين، كما لو كانوا حجارة، فتجعلهم بهذا يشعرون أنّهم مُدانون ومتروكون من قِبَلِ تلك الأمّ المدعوّة بالتحديد إلى نقل رحمة الله إليهم”[122]. يمكن أن تصبح الرحمة بالنسبة للكنيسة، مجرّد تعبير رومانسي إذا لم تظهر بشكل ملموس في الرسالة الرعوية[123].
انثقاف الخدمة الكهنوتية
- على الانثقاف أيضًا أن ينمو وينعكس بطريقة ملموسة في وضع التنظيم الكنسي والخدمة الكهنوتية. إذا انثقفت الروحانية، وإذا انثقفت القداسة، وإذا انثقف الإنجيل نفسه، فكيف لا نفكّر في انثقاف الطريقة التي ننظّم بها الخدمات الكنسية ونعيشها؟ إن الأنشطة الرعوية في منطقة الأمازون هي ضئيلة، ويرجع ذلك جزئيًا إلى سعة الأراضي وصعوبة بلوغها في كثير من الأحيان، وإلى التنوّع الثقافي الكبير، والمشاكل الاجتماعية الهامّة، وأيضًا إلى خيار بعض الشعوب ذاتها في العزلة. لا يمكن أن نبقى غير مبالين لهذا الأمر وهو يتطلّب من الكنيسة استجابة خاصّة وشجاعة.
- من الضروري تهيئة الخدمة الكهنوتية بحيث تستطيع تأمين عدد أكبر من القداديس، حتى في الجماعات البعيدة والخفيّة. قد كان هناك نداء في أباريسيدا، لسماع أنين الكثير من الجماعات في الأمازون “المحرومة من قدّاس يوم الأحد لفترات طويلة”[124]. ولكن في الوقت نفسه، هناك حاجة لخدّام يمكنهم فهم حساسية وثقافات الأمازون من الداخل.
- إن طريقة تنظيم حياة الخدمة الكهنوتية وممارستها ليست متطابقة، وتتميّز بفروق دقيقة مختلفة في أماكن مختلفة على الأرض. ولذا فمن المهمّ تحديد ما هو خاصّ بالكاهن، ولا يمكن تفويضه. والجواب هو في درجات الكهنوت المقدّس، الذي يجعله يتشبّه بالمسيح الكاهن. والنتيجة الأولى هي أن هذا الطابع الحصريّ الذي يناله من الدرجة الكهنوتية يمكّنه وحده من الاحتفال بالقدّاس الإلهي[125]. هذه هي خدمته الخاصّة والرئيسيّة وغير القابلة للتفويض. يعتقد البعض أن ما يميّز الكاهن هي السلطة، كونه أعلى سلطة في الجماعة. لكن القدّيس يوحنا بولس الثاني قد أوضح أنه على الرغم من أن الكهنوت يُعتبر “هرميًا”، إلّا أن هذه الخدمة لا تعني أنهم أعلى من الآخرين، بل “إن هيكليّتها موجّهةٌ كليًّا إلى تقديس أعضاء المسيح”[126]. عندما نؤكّد أن الكاهن هو علامة “للمسيح الرأس”، فالمعنى الرئيسيّ هو أن المسيح هو مصدر النعمة: إنه رأس الكنيسة “لأن لديه القدرة على منح النعمة لجميع أعضاء الكنيسة”[127].
- الكاهن هو علامة لذلك الرأس الذي يسكب النعمة أوّلًا وقبل كلّ شيء عندما يحتفل بالقدّاس الإلهي، الذي هو مصدر وذروة كلّ الحياة المسيحية[128]. هذه هي سلطته العظيمة، التي لا ينالها إلّا من سرّ الكهنوت. ولذا وحده يمكنه القول: “هذا هو جسدي”. وهناك كلمات أخرى وحده يستطيع قولها: “أمنحك مغفرة الخطايا”. لأن سرّ الغفران هو كي نكون أهلًا للاحتفال بالقدّاس الإلهي. وهذان السرّان المقدّسان هما محور هويّته الحصرية[129].
- في ظروف الأمازون الخاصّة، ولاسيما في أدغالها وأماكنها النائية، يجب أن نجد طريقة لتأمين هذه الخدمة الكهنوتية. باستطاعة العلمانيّين أن يعلنوا الكلمة، وأن ينظّموا جماعاتهم، ويحتفلوا ببعض الأسرار، ويبحثوا عن تعبيرات مختلفة للتقوى الشعبية، وينمّوا العديد من المواهب التي يسكبها الروح القدس عليهم. لكنهم يحتاجون إلى القدّاس الإلهيّ لأن “الكنيسة تقوم عليه”[130]، ونتوصّل إلى القول أنه “ليس من الممكن إقامة جماعة مسيحيّة إذا لم يكن القدّاس الإلهيّ هو أصلها ومحورها”[131]. إذا كنّا نعتقد حقًّا أن هذا هو الحال، فمن الضروريّ تجنّب حرمان شعوب الأمازون من هذا الغذاء، غذاء الحياة الجديدة وسرّ الغفران.
- تقودني هذه الحاجة الملحّة إلى حثّ جميع الأساقفة، خاصّة أساقفة أمريكا اللاتينية، ليس فقط على تعزيز الصلاة من أجل الدعوات الكهنوتية، ولكن أيضًا لأن يكونوا أكثر سخاءً، فيوجّهوا الذين يُظهِرون الرغبة في تلبية الدعوة إلى حياة إرسالية لاختيار الأمازون[132]. في الوقت نفسه، من المناسب مراجعة بنية ومحتوى التنشئة الأساسية والتنشئة الدائمة للكهنة، حتى يكتسبوا المواقف والقدرات اللازمة من أجل فتح حوار مع ثقافات الأمازون. وعلى هذه التنشئة أن تكون رعوية وأن تعزّز تنمية الرحمة الكهنوتية[133].
جماعات مملوءة حياة
- وفي الوقت عينه، إن القدّاس الإلهيّ هو السرّ الأعظم الذي يعني ويحقّق وحدة الكنيسة[134]، ونحتفل به “حتى يتسنّى لنا، أن نتحوّل من غرباء ومشتّتين وغير مبالين لبعضنا البعض، إلى موحَّدين ومتساوين وأصدقاء”[135]. وعلى الذي يرأس القدّاس الإلهيّ أن يهتمّ بالشركة الكنسية، التي ليست وَحدة فقيرة، بل ترحّب بالغنى المتعدّد للمواهب التي يسكبها الروح في الجماعة.
- لذلك، فإن القدّاس الإلهيّ، كمصدر وذروة، يتطلّب تنمية هذا الغنى المتنوّع. هناك حاجة إلى كهنة، لكن هذا لا يستبعد أن يقوم الشمامسة الدائمون عادة -الذين ينبغي أن يكونون أكثر عددًا في الأمازون- والراهبات والعلمانيين أنفسهم بتحمّل مسؤوليّات مهمّة من أجل نموّ الجماعات وأن ينضجوا في ممارسة هذه المهام بفضل مرافقة مناسبة.
- بالتالي، إنها ليست مسألة تسهيل حضور عدد أكبر من الكهنة الذين يمكنهم الاحتفال بالإفخارستيا. فهدف كهذا يكون محدودًا للغاية إذا لم نحاول أيضًا خلق حياة جديدة في الجماعات. إننا بحاجة إلى تعزيز اللقاء مع كلمة الله والنضج في القداسة من خلال الخدمات العلمانية المتنوعة، والتي تتطلّب عملية تحضير –كتابيّ، وعقائديّ، وروحيّ، وعمليّ- ومختلف مسارات التنشئة المستمرّة.
- إن كنيسة ذات وجوه أمازونيّة تتطلّب وجودًا مستقرًا لمسؤولين علمانيّين ناضجين، يتمتّعون بسلطة معيّنة[136]، يعرفون اللغات والثقافات والخبرة الروحية وطريقة العيش في الجماعة بمختلف الأماكن، ويفسحون المجال في الوقت عينه لتعدّد المواهب التي يغرسها الروح القدس فينا. لأنه حيث تكون هناك حاجّة خاصّة، يقدّم الروحُ القدس مسبقًا المواهبَ التي تسمح له بالاستجابة لهذه الحاجة. وهذا يفترض أن الكنيسة قادرة على فتح الطرق أمام جرأة الروح، وعلى أن تثق وتسمح بنموّ ثقافة كنسية خاصّة مطبوعة بحضور علمانيّ واضح. فتحدّيات منطقة الأمازون تتطلّب من الكنيسة بذل جهد خاصّ لتكون حاضرة على كلّ المستويات، وهذا لا يمكن تحقيقه إلّا من خلال المشاركة الناشطة والواسعة النطاق للعلمانيين.
- لقد بذل الكثير من المكرّسين طاقاتهم وقسمًا كبيرًا من حياتهم من أجل ملكوت الله في الأمازون. وللحياة المكرّسة، القادرة على الحوار وخلق الالتحام والتجسّد والنبوّة، مكانة خاصّة في هذا التكوين التعدّدي والمتناغم لكنيسة الأمازون. لكنها تحتاج إلى جهد جديد من الانثقاف، يُظهِر إبداع الحياة الجماعية وجرأتها التبشيرية، وحساسيّتها وقوّتها الخاصّة.
- لقد عاشت الجماعات الأصليّة خبرة حقيقية من المجمعيّة في مسيرة إعلان البشارة في كنيسة الأمازون، عندما عرفت كيف تدمج الدفاع عن الحقوق الاجتماعية بالبشارة والروحانية. وغالبًا ما “ساعدوا في تنشئة مسيحيّين ملتزمين بإيمانهم، تلاميذ للربّ ومرسلين، كما يشهد بذل الذات السخيّ للعديد من أفرادهم، وحتى سفك الدم”[137].
- أشجّع على تعميق المهمّة المشتركة التي تنفّذها الشبكة الكنسية لعموم الأمازون (REPAM) والجمعيات الأخرى، بهدف تعزيز ما طالبت به وثيقة أباريسيدا: “تأسيس راعوية مشتركة، بين الكنائس المحلّية لمختلف دول أمريكا الجنوبية، الموجودة في حوض الأمازون، مع أولويات متباينة”[138]. وهذا ينطبق بشكل خاصّ على العلاقة بين الكنائس المجاورة.
- أودّ أن أذكّر أخيرًا، أنه لا يمكننا دائمًا التفكير في مشاريع لجماعات مستقرّة، لأن هناك تنقّل داخليّ كبير في منطقة الأمازون، وهجرة مستمرّة غالبًا ما تكون ذهابًا وإيابًا، “وقد تحوّلت المنطقة في الواقع إلى ممرّ للهجرة”[139]. “لم تُفهم حركة الهجرة الأمازونية بشكل جيّد ولم تُحلّل بشكل كافٍ من وجهة النظر الرعوية”[140]. ولذا يجب أن نفكّر في مجموعات إرسالية متجوّلة “وأن ندعم ادراج المكرّسين والمكرّسات وتجوّلهم مع الفقراء والمستبعدين”[141]. من ناحية أخرى، إن هذا يختبر جماعاتنا الحضرية، التي عليها أن تنمّي بذكاء وسخاء، ولا سيما في الضواحي، أشكالًا مختلفة من التقارب والضيافة إزاء الأسر والشبيبة الذين يصلون من الداخل.
قوة المرأة وموهبتها
- هناك جماعات في الأمازون، حافظت على نفسها ونقلت الإيمان لفترة طويلة دون مرور أيّ كاهن، حتى لعقود من الزمن. وهذا بفضل وجود نساء أقوياء وسخيّات: اللواتي عمّدن وعلّمن التعليم الديني والصلوات، لقد كنّ حقًّا مرسلات، دعاهنّ بالتأكيد الروح القدس وقادهنّ. لعدّة قرون، ساعدت النساء الكنيسة على الاستمرار في تلك الأماكن بتفانٍ رائع وإيمان قويّ. هنّ أنفسهنّ، قد أدهشننا جميعًا في السينودس بشهادتهنّ.
- هذا يدعونا إلى توسيع الأفق كي نتجنّب اختزال فهمنا للكنيسة إلى هيكليّات وظيفية. هذا النوع من الاختزال يقود إلى الاعتقاد بأنه يمكن منح المرأة مكانة ومشاركة أكبر في الكنيسة فقط إذا مُنحت الحقّ في نوال الدرجات الكهنوتية. لكن هذه النظرة تحدّ من وجهات النظر، وتوجّهنا للنظر إلى المرأة كما إلى الإكليروس، وتقلّل من القيمة الكبيرة لما قد قدّمنه وتسبّب في إفقار مساهمتهنّ التي لا غنى عنها.
- يقدّم يسوع المسيح نفسه كعريس الجماعة التي تحتفل بالافخارستيا، من خلال شخص الرجل الذي يرأسها كعلامة للكاهن الأوحد. هذا الحوار بين العريس وعروسه الذي يعلو في العبادة ويقدّس الجماعة، لا ينبغي أن يأسرنا في نظريّات جزئية حول السلطة داخل الكنيسة. لأن الربّ أراد أن يعبّر عن سلطته وحبّه من خلال وجهين بشرّيين: وجه ابنه الإلهيّ الذي صار بشرًا، ووجه خليقةٍ امرأة، مريم. تقدّم النساء مساهمتهنّ في الكنيسة وفقًا لطريقتهنّ الخاصّة، وعبر استكمال قوّة مريم وحنانها، مريم الأمّ. وبهذه الطريقة، لا نتقيّد بنهج وظيفي، إنما ندخل في هيكلية الكنيسة الداخليّة. ونفهم بالتالي بشكل جذريّ لماذا تنهار الكنيسة دون النساء، وكيف أن العديد من الجماعات في الأمازون كانت لتنهار لو لم تكن النساء هناك، لمساندتها واحتوائها والاهتمام بها. هذا يدلّ على ما هي قوتهنّ المميّزة.
- لا يمكننا التوقّف عن تشجيع المواهب الشعبية التي أعطت النساء الكثير من الأهمّية في منطقة الأمازون، على الرغم من أن الجماعات اليوم تتعرّض لمخاطر جديدة لم تكن موجودة في عصور أخرى. إن الوضع الحالي يتطلّب منّا أن نعمل على إنشاء خدمات أخرى ومواهب خاصّة بالنساء، تستجيب للاحتياجات الخاصّة لشعوب الأمازون في هذه الحقبة التاريخيّة.
- في كنيسة سينودسية، يجب أن تكون المرأة، التي تلعب دورًا رئيسيًا في الجماعات الأمازونية، قادرة على القيام بوظائف كنسية وحتى خدمات كنسية لا تتطلّب الدرجة الكهنوتية وتسمح لها بالتعبير عن مقامها الخاصّ بشكل أفضل. يجب التذكير أن هذه الخدمات تتضمّن الاستقرار، والاعتراف العلني وتفويض الأسقف. وهذا يعني أيضًا أن للنساء تأثير حقيقي وفعّال على التنظيم، وعلى أهمّ القرارات، وعلى توجيه الجماعات، ولكن دون التوقّف عن القيام به بالنمط الخاصّ بلمسَتهنّ الأنثوية.
توسيع الآفاق إلى ما هو أبعد من الصراع
- من المألوف أن يرى العمّال الرعويّين في مكانٍ معيّن، حلولًا مختلفة تمامًا للمشاكل التي يواجهونها، وأن يقترحوا بالتالي أشكالًا من التنظيم الكنسي المعاكسة ظاهريًّا. عندما يحدث هذا، من المحتمل أن تكون الاستجابة الحقيقية لتحدّيات إعلان البشارة هي بتخطّي هذين الاقتراحين، وبإيجاد طرق أخرى أفضل، وربما غير متوقّعة. يمكن التغلّب على الصراع على مستوى أعلى، حيث يندمج كلّ طرف من الطرفين مع الآخر في واقع جديد، ويبقى كلّ منهما أمينًا لذاته. لكلّ شيء حلّ “على مستوى أسمى يحافظ في ذاته على قدرات الأقطاب المضادّة النفيسة”[142]. وإلّا، فالصراع يوقعنا في فخّه، “ونفقد بعد النظر، وتضيق الآفاق والحقيقة نفسها تلبث مجزّأة”[143].
- هذا لا يعني بأيّ حال من الأحوال، التقليل من شأن المشكلات أو التهرّب منها أو ترك الأشياء على حالها. لا نجد الحلول الحقيقية عبر تخفيف الجرأة، أو التهرّب من مطالب ملموسة أو البحث عن أسباب خارجية. لا بل إن المخرج هو “بتجاوزها”، تجاوز الجدلية التي تحدّ من الرؤية كيما نستطيع رؤية الهبة الأعظم التي يقدّمها الله لنا. ومن تلك الهبة الجديدة التي نقبلها بشجاعة وسخاء، من تلك الهبة غير المتوقّعة التي توقظ إبداعًا جديدًا وكبيرًا، سوف تنبع، كما من مصدر سخيّ، الاستجابات التي لم تكن الجدليّة تسمح لنا برؤيتها. وقد انتشر الإيمان المسيحي في بداياته، بشكل مدهش متّبعًا هذا المنطق الذي سمح له، انطلاقًا من مصفوفة عبرية، بأن يتجسّد في الثقافات اليونانية والرومانية، وأن يكتسب عند مروره أوجهًا مختلفة. وبالمثل، في هذه الحقبة التاريخية، يحثّنا الأمازون على تخطّي وجهات النظر المحدودة، والحلول العملية التي لا تزال مغلقة في جوانب جزئية من التحدّيات الكبرى، من أجل البحث عن مسارات أوسع وأكثر جرأة للانثقاف.
التعايش المسكوني والمتعدد الأديان
- يحتاج المؤمنون في منطقة الأمازون المتعدّدة الأديان، إلى إيجاد مساحات للتحدّث والعمل معًا من أجل الصالح العام ومساعدة الفقراء. وهذا لا يعني أن نصبح جميعًا “أكثر خفّة” أو أن نخفي شغفنا بقناعاتنا كي نتلاقى مع الآخرين الذين يفكّرون بطريقة مختلفة. إذا كان المرء يعتقد أن الروح القدس يستطيع أن يعمل في الشخص المختلف، فسيحاول أن يغتني من ذلك النور، لكنه سوف يقبله من عمق قناعاته الشخصية وهويّته. لأنه على قدر ما تكون الهويّة عميقة وقويّة وغنيّة، هي تغني الآخرين بمساهمتها الخاصّة.
- لدى الكاثوليك كنز في الكتاب المقدّس، لا تقبله الأديان الأخرى، رغم أنها تستطيع أحيانًا قراءته باهتمام وحتى أنها تقدّر بعض محتوياته. نحاول أن نقوم بشيء مماثل إزاء النصوص المقدّسة للأديان والجماعات الدينية الأخرى، حيث نجد تلك “القواعد والتعاليم […] التي غالبًا ما تحمل شعاعًا من تلك الحقيقة التي تنير كلّ الناس”[144]. لدينا أيضًا ثروة كبيرة في الأسرار السبعة التي لا تقبلها بعض الجماعات المسيحية بالكامل أو بنفس المعنى. في الوقت نفسه الذي نؤمن فيه إيمانًا راسخًا بيسوع باعتباره المخلّص الأوحد للعالم، ننمّي ولاء عميقًا لأمّه. وبالرغم من أننا نعلم أن هذا ليس موجودًا في جميع الطوائف المسيحية، فإننا نشعر بواجب نقل غنى هذا الحبّ الوالديّ الحارّ إلى الأمازون، والذي نشعر بأننا قد استؤمنّا عليه. في الواقع، سأختتم هذا الإرشاد ببعض الكلمات الموجّهة إلى مريم.
- لا يجب أن يحوّلنا كلّ هذا إلى أعداء. فبروح حقيقية من الحوار، تتغذّى القدرة على فهم معنى ما يقوله الآخر وما يفعله، حتى لو أننا لا نستطيع أن نتبنّاه كقناعتنا الخاصّة. ويصبح من الممكن بالتالي أن نكون صادقين، وألّا نُخفي ما نؤمن به، وأن نواصل التحاور والبحث عن نقاط اتّصال، ونواصل قبل كلّ شيء العمل والكفاح من أجل مصلحة الأمازون. إن قوّة ما يوحّد جميع المسيحيين لها قيمة هائلة. ونحن نولي اهتمامًا كبيرًا لما يفرّق بيننا، لدرجة أننا أحيانًا لا نقدّر ولا نقيّم ما يوحّدنا. وما يوحّدنا إنما هو ما يسمح لنا بأن نكون في العالم دون أن تلتهمنا المحايثة الأرضية، والفراغ الروحي، والأنانية المريحة، والفردانية الاستهلاكية والمدمّرة للذات.
- إن الإيمان بالله يوحّدنا جميعًا، نحن كمسيحيّين، الإيمان بالآب الذي يعطينا الحياة ويحبّنا للغاية. يوحّدنا الإيمان بيسوع المسيح، الفادي الوحيد، الذي حرّرنا بدمه المبارك وقيامته المجيدة. توحّدنا رغبة كلمته التي ترشد خطانا. توحّدنا نار الروح الذي يدفعنا نحو الرسالة. توحّدنا الوصية الجديدة التي تركها لنا يسوع، والبحث عن حضارة المحبّة، والشغف بالملكوت الذي يدعونا الربّ لبنائه معه. يوحّدنا الكفاح من أجل السلام والعدالة. توحّدنا القناعة بأن كلّ شيء لا ينتهي في هذه الحياة، وأننا مدعوّون إلى العيد السماوي حيث سوف يمسح الله دموعنا ويحصد ما فعلناه للذين يعانون.
- إن كلّ هذا يوحّدنا. فكيف لا نجاهد معًا؟ وكيف لا نصلّي معًا ونعمل يدًا بيد كي ندافع عن فقراء الأمازون، وكي نظهر وجه الربّ القدّوس ونعتني بعمله الخلّاق؟
ختام أمّ منطقة الأمازون
- بعد المشاركة ببعض الأحلام، أحثّ الجميع على التقدّم في مسارات ملموسة من شأنها أن تحوّل واقع الأمازون وتحرّره من الشرور التي تصيبه. والآن لنرفع نظرنا نحو مريم. الأمّ التي أعطانا إياها المسيح، رغم أنها الأم الوحيدة للجميع، تتجلّى في الأمازون بطرق مختلفة. نحن نعلم أن “السكّان الأصليّين قد أنشأوا علاقات حيوية مع يسوع المسيح عبر عدّة طرق؛ لكن الطريق عبر مريم قد ساهم أكثر من أيّ شيء آخر في هذا اللقاء”[145]. إزاء جمال الأمازون، الذي اكتشفناه بشكل أفضل عند إعداد السينودس وتطوّره، أعتقد أنه من الأفضل اختتام هذا الإرشاد متوجّهين إليها:
يا أمّ الحياة، لقد تكوّن يسوع في حشاك الوالديّ، الذي هو ربّ الخلق أجمعين.
قام من الموت، وبدّلكِ بنوره، وجعلك ملكة المخلوقات كلّها.
لذا فإننا نسألك، يا مريم، أن تملكي في قلب الأمازون النابض.
كوني أمّ جميع الخلائق، في جمال الزهور، والأنهر، والنهر الكبير الذي يجتازه وكلّ ما يرتعد في غاباته.
واحمي بحبّك هذه الروائع من الجمال.
اطلبي من يسوع أن يسكب حبّه على الرجال والنساء الذين يقيمون فيه، كي يعرفوا كيف يقدّرونه ويعتنون به.
دعي ابنك يولد في قلوبهم كيما يسطع هو في الأمازون، وفي شعوبه وثقافاته، بنور كلمته، وبعزاء محبّته، وبرسالته، رسالة الأخوّة والعدالة.
ليرتفع، في كلّ افخارستيا، كذلك الكثير من الانذهال لمجد الله الآب.
يا أمنا، انظري إلى فقراء الأمازون، لأن بيتهم يتهدّم بسبب مصالح دنيئة.
كم من الألم وكم من البؤس، كم من التخلّي وكم من الاستقواء في هذه الأرض المباركة والفائضة بالحياة!
المسي حساسيّة أصحاب السلطة، لأنكِ، حتى وإن كنّا نشعر أنه قد فات الأوان، توجّهين الدعوة إلينا كي ننقذ ما لا يزال حيًّا.
أيتها الأمّ المطعونة القلب، أنت التي تتألّمين في أبنائك المهانين وفي الطبيعة المجروحة، املكي أنتِ على الأمازون، أنتِ وابنك.
املكي حتى لا يشعر أحد بعد أنه سيّد على عمل الله.
بكِ نثق، يا أمّ الحياة، لا تتخلّي عنّا في ساعة الظلام هذه. آمين.
أعطي في روما، قرب القدّيس يوحنا اللاتيراني، 2 فبراير / شباط، عيد تقدمة الربّ إلى الهيكل، سنة 2020، السابعة لحبريّتي.
فهرس
معنى هذا الإرشاد
أحلام لمنطقة الأمازون.
الفصل الأوّل:حلم اجتماعي..
ظلم وجرائم
التعبير عن الاستياء وطلب المغفرة
حسٌّ جَماعيّ..
مؤسّسات متضرّرة
حوار مجتمعي..
الفصل الثاني:حلم ثقافيّ..
الأمازون المتعدّد الوجوه
الاعتناء بالجذور.
لقاء ما بين الثقافات..
ثقافات مُهدَّدة، شعوب في خطر.
الفصل الثالث: حلم إيكولوجي..
حلم مصنوع من ماء.
صرخة الأمازون.
نبوءة التأمّل.
التربية والعادات البيئية.
الفصل الرابع:حلم كنسيّ..
البشارة الضرورية في منطقة الأمازون.
الانثقاف..
مسارات انثقاف في الأمازون.
انثقاف مجتمعي وروحي..
نقاط انطلاق من أجل قداسة أمازونية.
انثقاف الليتورجيا
انثقاف الخدمة الكهنوتية.
جماعات مملوءة حياة
قوة المرأة وموهبتها
توسيع الآفاق إلى ما هو أبعد من الصراع.
التعايش المسكوني والمتعدد الأديان.
ختام:أمّ منطقة الأمازون.
***********
© جميع الحقوق محفوظة – حاضرة الفاتيكان 2020
[1] الرسالة العامة كن مسبّحا (24 مايو/أيار 2015)، 49: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 866. [2]وثيقة العمل، 45. [3] أنا فاريلا تافور، “Timareo”، في Lo que no veo en visiones، ليما (1992). [4] خورخي فيغا ماركيز، Amazonia solitária، في Poesía obrera، كوبيخا-باندو، بوليفيا (2009)، ص. 39. [5] الشبكة الكنسية لعموم منطقة الأمازون (REPAM)، برازيل، ملخص مساهمات السينودس، ص. 120: را. وثيقة العمل، 45. [6]كلمة البابا خلال اللقاء مع الشبيبة في استاد باكايمبو، سان باولو برازيل (10 مايو/أيار 2007)، 2: تعاليمIII، 1 (2007)، 808. [7] را. ألبيرتو س. أراوخو، “Imaginario amazónico”، في Amazonia real: amazoniareal.com.br، 29 يناير/كانون الثاني 2014. [8] القديس بولس السادس، الرسالة العامة تـَرَقّي الشعوب (26 مارس/آذار 1967)، 57: أعمال الكرسي الرسولي 59 (1967)، 285. [9] القديس يوحنا بولس الثاني، كلمة البابا إلى الأكاديمية الحبرية للعلوم الاجتماعية (27 أبريل/نيسان 2001)، 4: أعمال الكرسي الرسولي 93 (2001)، 600. [10] را. وثيقة العمل، 41. [11]المجمع الخامس العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، وثيقة أباريسيدا (29 يونيو/حزيران 2007)، 473. [12] رامون أيريبيرتيغي، Amazonas: El hombre y el caucho، دار نشر النيابة الرسولية في بويرتو أياكوشو – فنزويلا، مونوغرافية، عدد 4، كراكاس 1987، 307. [13]را. أماريلس توبياسّو، “Amazônia, das travessias lusitanas à literatura de até agora”، في Estudos Avançados، المجلّد 19، عدد53، سان باولو (يناير/كانون الثاني-أبريل/نيسان 2005). “في الواقع، بعد انتهاء الاستعمار الأول، واصلت الأمازون مسارها كمنطقة خاضعة للجشع الدنيوي، في ظل إعدادات تخفيفية جديدة […] من قبل عملاء “حضاريين” لا يحتاجون حتى إلى تمثيل كي يقيموا ويضاعفوا الأوجه الجديدة للإبادة القديمة، من خلال الموت البطيء”. [14] أساقفة الأمازون البرازيلي، رسالة إلى شعب الله، سانتاريم- برازيل (6 يوليو/تموز 2012). [15] القديس يوحنا بولس الثاني، رسالة البابا بمناسبة اليوم العالمي للسلام 1998، 3: أعمال الكرسي الرسولي 90 (1998)، 150. [16] المؤتمر الثالث العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكارايب، وثيقة بويبلا (23 مارس/آذار 1979)، 6. [17]وثيقة العمل، 6. لقد دان البابا بولس الثالث فكرة العنصرية عبر الموجز الرسولي الحقيقة هي (Veritas ipsa، 2 يونيو/حزيران 1537)، واعترف بحقّ الهنود، سواء كانوا مسيحيين أم لا، بالكرامة الإنسانية، واعترف بحقهم في ممتلكاتهم ومنع استعبادهم. أكد: “كونهم بشر مثل الآخرين، […] لا يمكن حرمانهم مطلقًا من حريتهم وممتلكاتهم، حتى الذين لا يؤمنون بيسوع المسيح”. وقد ثبّت هذا التعليم البابا غريغوريوس الرابع عشر، عبر المرسوم Cum Sicuti (28 أبريل/نيسان 1591)؛ وأوربان الثامن في مرسومه Commissum Nobis (22 أبريل/نيسان 1639)؛ وبندكتس الرابع عشر في مرسومه Inmensa Pastorum Principis الموجّه إلى أساقفة البرازيل (20 ديسمبر/كانون الأول 1741)؛ وغريغوريوس السادس عشر في الموجز الرسولي In Supremo(3 ديسمبر/كانون الأول 1839)؛ وليون الثالث عشر، في رسالته إلى أساقفة البرازيل حول الاستعباد (Epístola a los Obispos de Brasil sobre la esclavitud) (5 مايو/أيار 1888)؛ والقديس يوحنا بولس الثاني، في رسالته إلى السكان الأصليين في القارة الأمريكية، سان دومينغو (12 أكتوبر/تشرين الأول 1992)، 2: تعاليم 15، 2 (1992)، 341- 347. [18]فدريكو بينيسيو دي سوزا كوستا، Carta Pastoral(1909)، دار نشر Imprenta del gobierno del Estado de Amazonas، ماناوس 1994، 83. [19]وثيقة العمل، 7. [20]كلمة البابا بمناسبة اللقاء العالمي الثاني للحركات الشعبية، سانتا كروس دي لا سييرا- بوليفيا (9 يوليو/تموز 2015): أوسيرفاتوري رومانو، الطبعة الإيطالية، 11 يوليو/تموز 2015، ص. 5. [21]كلمة البابا بمناسبة اللقاء مع شعوب الأمازون، بويرتو مالدونادو- بيرو (19 يناير/كانون الثاني 2018): أوسيرفاتوري رومانو، الطبعة الإيطالية، 21 يناير/كانون الثاني 2018، ص. 6. [22]وثيقة العمل، 24. [23]يانا لوسيلا ليما، في Tamyahuan Shamakupani.را. http://siwarmayu.com/es/yana-lucila-lema-6-poemas-de-tamyawan-shamukupani-con-la-lluvia-estoy-viviendo/
[24] مجلس أساقفة الإكوادور، Cuidemos nuestro planeta، (20 أبريل/نيسان 2012)، 3. [25] عدد 142: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 904- 905. [26]عدد 82. [27]نفس المرجع، 83. [28] الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 239: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1116. [29]نفس المرجع، 218: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1110. [30]نفس المرجع. [31] را. وثيقة العمل، 57. [32] را. إيفاريستو إدواردو دي ميراندا، Quando o Amazonas corria para o Pacífico، بيتروبوليس 2007، 83- 93. [33] خوان كارلوس غاليانو، “Paisajes”، في Amazonia y otros poemas، كلية كولومبيا الجامعية، بوغوتا (2011)، 31. [34]خابير إغليسياس، “Llamado”، فيRevista peruana de literatura، عدد 6 (يونيو/حزيران 2007)، 31. [35] الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 144: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 905. [36] الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس المسيح يحيا (25 مارس/آذار 2019)، 186. [37]نفس المرجع، 200. [38]رسالة البابا المصورة بمناسبة اللقاء العالمي لشبيبة السكان الأصليين، سولوي-بنما (18 يناير/كانون الثاني 2019): أوسيرفاتوري رومانو، 19 يناير/كانون الثاني 2019، ص. 8. [39] ماريو فارغاس يوزا، مقدمةEl Hablador ، مدريد، 8 أكتوبر/تشرين الأوّل 2007. [40]الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس المسيح يحيا (25 مارس/آذار 2019)، 195. [41] القديس يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة السَّنة المِئَة (1 مايو/أيار 1991)، 50: أعمال الكرسي الرسولي 83 (1991)، 856. [42] المجمع الخامس العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، وثيقة أباريسيدا (29 يونيو/حزيران 2007)، باللغة الإسبانية ص. 97. [43]كلمة البابا خلال اللقاء مع شعب الأمازون، بويرتو مالدونادو- بيرو (19 يناير/كانون الثاني 2018): أوسيرفاتوري رومانو، الطبعة الإيطالية، 21 يناير/كانون الثاني 2018، ص. 6. [44]وثيقة العمل، 123، e. [45]الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 144: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 906. [46] را. بندكتس السادس عشر، الرسالة العامة المحبة في الحقّ (29 يونيو/حزيران 2009)، 51: أعمال الكرسي الرسولي 101 (2009)، 687: “فالطبيعةُ، ولا سيما في عصرنا هذا، مندمجةٌ في التفاعُلاتِ الاجتماعيةِ والثقافيةِ لدرجةِ أنها لا تُشكِّلُ مُتغيِّراً مُستقلاً تماماً. إنَّ واقعَ التصحُّرِ وتقلُّصِ الانتاجِ الزراعيّ في بعضِ المناطقِ هو أيضًا نتيجةٌ لانخفاضِ عددِ قاطنيها أو لتخلُّفِهم”. [47]رسالة البابا بمناسبة اليوم العالمي للسلام 2007، 8؛ تعاليم، II/2 (2006)، 776. [48] الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 16، 91، 117، 138، 240: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 854. 884. 894. 903. 941. [49] وثيقة Bolivia: informe país. الاستشارات التي سبقت السينودس، 2019، ص. 36؛ را. وثيقة العمل، 23. [50]وثيقة العمل، 26. [51] الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 146: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 906. [52]وثيقة مساهمات أبرشية سان خوسيه ديل غوافياري وأبرشية فيلافيسينسيو وغرناطة في السينودس (كولومبيا)؛ را. وثيقة العمل، 17. [53]أورليدس دا كونخا، Los Sertones، (Os Sertões)، بوينس أيريس 1946، 65- 66. [54] بابلو نيرودا، «Amazonas»، في Canto General (1938)، I، IV. [55] الشبكة الكنسية لعموم منطقة الأمازون (REPAM). الوثيقة Eje de Fronteras، الإعداد لسينودس منطقة الأمازون، تاباتينغا – برازيل (13 فبراير/شباط 2019) ص. 3؛ را. وثيقة العمل، 8. [56]أماديو تياغو دي ميللو، Amazonas, patria da agua. [57]فينيسيوس دي مورايس، Para vivir un gran amor، بونس أيرس 2013، 166. [58] خوان كارلوس غاليانو، «Los que creyeron»، في Amazonia y otros poemas، كلية كولومبيا الجامعية، بوغوتا 2011، 44. [59]هارالد سيولي، A Amazônia، بيتروبوليس 1985، 60. [60] القديس يوحنا بولس الثاني، كلمة البابا إلى المشاركين في المؤتمر العالمي حول “البيئة والصحّة” (24 مارس/آذار 1997)، 2: تعاليم XX، 1 (1997)، 521. [61] الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 34: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 860. [62] را. نفس المرجع، 28- 31: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 858- 859. [63] را. نفس المرجع، 38: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 862. [64] المجمع الخامس العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، وثيقة أباريسيدا (29 يونيو/حزيران 2007)، باللغة الإسبانية ص. 86. [65] الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 38: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 862. [66] را. نفس المرجع، 144، 187: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 905- 906 و921. [67] را. نفس المرجع، 183: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 920. [68]نفس المرجع، 53: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 868. [69] را. نفس المرجع، 49: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 866. [70]الوثيقة التحضيرية للجمعية الخاصة لسينودس الأساقفة من أجل منطقة الأمازون، 8. [71] الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 56: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 869. [72]نفس المرجع، 59: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 870. [73]نفس المرجع، 33: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 860. [74]نفس المرجع، 220: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 934. [75]نفس المرجع، 215: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 932. [76] سوي يون، Cantos para el mendigo y el rey، فيسبادن 2000. [77] الرسالة العامة كن مسبّحا (24 مايو/أيار 2015)، 100: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 887. [78]نفس المرجع، 204: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 928. [79] را. وثائق سانتاريم (1972) وماناوس (1997)، في المجمع الوطني لأساقفة البرازيل، Desafío missionário. Documentos da Igreja na Amazônia، برازيل 2014، ص. 9- 28 و 67- 84. [80]الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 220: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1110. [81]نفس المرجع، 164: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1088- 1089. [82]نفس المرجع، 165: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1089. [83]نفس المرجع، 161: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1087. [84] هذا ما يطلبه المجمع الفاتيكاني الثاني في العدد 44 من الدستور الرعائي فرح ورجاء حين يقول: “[الكنيسة] منذ بدءِ تاريخها، عكفت على استخدامِ لغات الشعوب المختلفة وكلماتها للتعبير عن بشارة المسيح، كما أنها اجتهدت، فضلاً عن ذلك، أن تبّين قيمتَه، مستخدمةً حكمةَ الفلاسفة: وذلك حرصاً منها لتجعل الإنجيل، ضمن الحدود اللائقة، مفهوماً من الجميع، موفِقة بينه وبين مقتضيات الحكماء. وبالحقيقة يجب أن تبقى هذه الطريقة الخاصة لإعلان الكلام الموحى، قاعدةً لكل تبشير. وعلى هذا المنوال يمكن أن تحضّ كلَّ أمة لكي تتمكن من التعبير عن البشارة المسيحية وفقاً للطريقة التي تناسبها، فينمو هكذا التبادل الحي بين الكنيسة والثقافات المختلفة”. [85]رسالة إلى شعب الله السائر في ألمانيا (29 يونيو/حزيران 2019)، 9: أوسيرفاتوري رومانو، 1- 2 يوليو/تموز 2019، باللغة الإيطالية، 9. [86] را. القديس منصور دي ليرانس، Commonitorium primum، الفصل 23: الآباء اللاتين 50، 668:«Ut annis scilicet consolidetur, dilatetur tempore, sublimetur aetate».
[87]رسالة إلى شعب الله السائر في ألمانيا (29 يونيو/حزيران 2019)، 9: أوسيرفاتوري رومانو، را. الاقتباس المنسوب إلى غوستاف ماهلر: “التقليد هو حماية المستقبل وليس الحفاظ على الرماد”. [88]كلمة البابا خلال اللقاء مع أساتذة الجامعات ورجال الثقافة، كويمبرا (15 مايو/أيار 1982): تعاليم V،2 (1982)، 1702- 1703. [89]والقديس يوحنا بولس الثاني، في رسالته إلى السكان الأصليين في القارة الأمريكية، سان دومينغو (12 أكتوبر/تشرين الأول 1992)، 6: تعاليم 15/2 (1992)، 346؛ كلمة البابا للمشاركين في المؤتمر الوطني للحركة الكنسية للأعمال الثقافية (16 يناير/كانون الثاني 1982)، 2: تعاليم، 5/1 (1982) 131؛ [90] القديس يوحنا بولس الثاني، الإرشاد الرسولي ما بعد السينودس الحياة المكرسة (25 مارس/آذار 1996)، 98: أعمال الكرسي الرسولي 88 (1996)، 474- 475. [91] الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 115: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1068. [92]نفس المرجع، 116: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1068. [93]نفس المرجع. [94]نفس المرجع، 129: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1074. [95]نفس المرجع، 116: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1068. [96]نفس المرجع، 117: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1069. [97]نفس المرجع. [98] القديس يوحنا بولس الثاني: كلمة البابا خلال الجمعية العامة للمجلس البابوي للثقافة (17 يناير/كانون الثاني 1987): تعاليم X، 1 (1987)، 125. [99] الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 129: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1074. [100] المجمع السادس العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، وثيقة سان دومينغو(من 12 إلى 28 أكتوبر/تشرين الأول 1992)، 17. [101] الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 198: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1103. [102] را. فيتوريو ميسوري – جوزيف راتسينغر، Informe sobre la fe، مدريد 2005، 209- 210. [103] الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 198: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1103. [104]بيدرو كزلداليغا، «Carta de navegar (Por el Tocantins amazónico)»، فيEl tiempo y la espera، سانتاندر، 1986. [105]يشرح القديس توما الأكويني ذلك على النحو التالي: “الطريقة الثلاثية لوجود الله في الأشياء: الأولى مشتركة، من حيث الجوهر، وجود وقوّة؛ الأخرى بالنعمة في قدّيسيه. والثالثة، فريدة في المسيح، بالاتّحاد” (في الرسالة إلى أهل قولوسي، II، 2). [106] الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 235: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 939. [107] المجمع الثالث العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، وثيقة بويبلا (23 مارس/آذار 1979)، 196. [108]الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 178: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1094. [109] المجمع الفاتيكاني الثاني، الدشتور العقائدي نور العالم، حول الكنيسة، 11؛ الإرشاد الرسولي افرحوا وابتهجوا (19 مارس/آذار 2018)، 10- 11. [110] النيابة الرسولية في الأمازون – بيرو، “Segunda asamblea episcopal regional de la selva”، سان رامون – بيرو (5 أكتوبر/تشرين الأول 1973)، في Éxodo de la Iglesia en la Amazonia. Documentos pastorales de la Iglesia en la Amazonia peruana، إيكيتوس 1976، 121. [111]الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 123: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1071. [112] را. الإرشاد الرسولي افرحوا وابتهجوا (19 مارس/آذار 2018)، 126- 127. [113]نفس المرجع، 32. [114]الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 235: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 939. [115]نفس المرجع. [116]نفس المرجع، 236: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 940. [117]نفس المرجع. [118]نفس المرجع، 235: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 939. [119] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، المجمع المقدّس، حول الليتورجيا المقدسة، 37- 40، 65، 77، 81. [120] قُدّمَ اقتراح أثناء السينودس بوضع “طقس أمازوني”. [121]الرسالة العامة كن مسبّحًا (24 مايو/أيار 2015)، 237: أعمال الكرسي الرسولي 107 (2015)، 940. [122] اٌرشاد الرسولي ما بعد السينودس فرح الحب (19 مارس/آذار 2016)، 49: أعمال الكرسي الرسولي 108 (2016)، 331؛ را. نفس المرجع، 305: أعمال الكرسي الرسولي 108 (2016)، 436- 437. [123]را. نفس المرجع، 296، 308: أعمال الكرسي الرسولي 108 (2016)، 430- 431 و438. [124] المجمع الخامس العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، وثيقة أباريسيدا (29 يونيو/حزيران 2007)، باللغة الإسبانية 100، e. [125] را. مجمع عقيدة الإيمان، الرسالة Sacerdotium ministerialeإلى أساقفة الكنيسة الكاثوليكية حول بعض المسائل المتعلّقة بخادم الافخارستيا (6 أغسطس/آب 1983): أعمال الكرسي الرسولي، 75 (1983) 1001- 1009. [126] الرسالة الرسولية كرامة المرأة (15 أغسطس/آب 1988)، 27: أعمال الكرسي الرسولي 80 (1988)، 1718. [127] القديس توما الأكويني، المجموعة اللاهوتية III، م 8، a 1، إجابة (resp). [128] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، الدرجة الكهنوتية، قرار في خدمة الكهنة وحياتهم، 5؛ القديس يوحنا بولس الثاني، الرسالة العامة الإفخارستيّا حياةُ الكنيسة (17 أبريل/نيسان 2003)، 22: أعمال الكرسي الرسولي 95 (2003)، 448. [129] من خصائص الكاهن أيضًا أن يمسح المرضى بالدهن المقدّس، لكونه مرتبطًا ارتباطًا وثيقًا بمغفرة الخطايا: “وإذا ارتكب الخطايا فستغفر له” (يع 5، 15). [130] التعليم الديني المسيحي للكنيسة الكاثوليكية، 1396؛ القديس يوحنا بولس الثاني الرسالة العامة الإفخارستيّا حياةُ الكنيسة (17 أبريل/نيسان 2003)، 26: أعمال الكرسي الرسولي 95 (2003)، 451؛ هنري دي لوباك، Meditazione sulla Chiesa، ميلانو 1965، ص. 185. [131]المجمع الفاتيكاني الثاني، الدرجة الكهنوتية، قرار في خدمة الكهنة وحياتهم، 6. [132] من اللافت للنظر أنه في بعض بلدان حوض الأمازون، عدد المرسلين إلى أوروبا أو الولايات المتّحدة هو أكبر من عدد مساعدي النيابات الأمازونية أنفسها. [133] تمّ التحدّث أثناء السينودس أيضًا حول الافتقار إلى إكليريكيات تؤمن التنشئة الكهنوتية لأشخاص ينتمون إلى الشعوب الأصلية. [134] را. المجمع الفاتيكاني الثاني، الدشتور العقائدي نور العالم، حول الكنيسة، 3. [135] القديس بولس السادس، عظة بمناسبة عيد جسد المسيح (17 يونيو/حزيران 1965): تعاليم 3 (1965)، 358. [136] يستطيع الأسقف، بسبب نقص الكهنة، أن يعهد “إلى شماس أو إلى شخص آخر ليس له صفة كهنوتية أو إلى جماعة ما، بالمشاركة في ممارسة الأعمال الرعوية في رعيّتهم” (مدونة القانون الكنسي، 517 §2). [137] المجمع الخامس العام لأساقفة أمريكا اللاتينية وجزر الكاريبي، وثيقة أباريسيدا (29 يونيو/حزيران 2007)، باللغة الإسبانية ص. 178. [138]نفس المرجع، 475. [139]وثيقة العمل، 65. [140]نفس المرجع، 63. [141]نفس المرجع، 129، d، 2. [142]الإرشاد الرسولي فرح الإنجيل (24 نوفمبر/تشرين الثاني 2013)، 228: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1113. [143]نفس المرجع، 226: أعمال الكرسي الرسولي 105 (2013)، 1112. [144]المجمع الفاتيكاني الثاني، البيان في عصرنا، حول علاقة الكنيسة بالديانات غير المسيحية، 2. [145] المجلس الأسقفي لأمريكا اللاتينية (CELAM)، الندوة الثالثة لأميركا اللاتينية حول اللاهوت الهندي، مدينة غواتيمالا (23- 27 أكتوبر/تشرين الأول 2006).